القاضي الهتار يفتي بتحريم العمليات الانتحارية التي تستهدف المسلمين والمعاهدين والمدنيين

2012-05-23 02:28:05 أخبار اليوم/ خاص


أدان القاضي / حمود الهتار ـ وزير الأوقاف والإرشاد سابقاً – عضو مجمع البحوث بالأزهر الشريف ـ العملية الانتحارية التي استهدفت أبناء القوات المسلحة والأمن في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء أمس الاثنين، أثناء التدريبات العسكرية، استعداداً للاحتفال بعيد الوحدة اليمنية الثاني والعشرين من مايو.
وقال إن هذه العملية لا تمت للجهاد بصلة، بل هي من الجرائم التي حرمتها الشريعة الإسلامية؛ لأن الجاني أقدم على قتل نفسه، وقتل زملاءه المسلمين، وقد عصم الله دم الإنسان وحرم قتله، حيث قال الله تعالى :" وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " (151) سورة الأنعام، وقال جل وعلا " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا " (سورة المائدة 32)،وقال تعالى" وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا"[النساء:93]، ولما روي أن الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم خاطب الناس في حجة الوداع قائلاً :" أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا،في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه".
وأشار القاضي الهتار إلى أن قتل الإنسان نفسه حرام بالكتاب والسنة والإجماع، مستدلاً بقوله تعالى: " وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً " (سورة النساء 29 / 30)، وقال جل وعلا :" وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"[البقرة:195]،وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم :"من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سمّاً فقتل نفسه، فهو في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً " رواه البخاري، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَن قتل نفسَه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة )) رواه البخاري (6047)، ومسلم (176) عن ثابت بن الضحاك.
وأضاف الهتار إن علاقة المسلمين مع غيرهم تقوم على الأمن والسلام والعدل والإحسان إليهم إذا لم يقاتلونا في ديننا أو يخرجونا من ديارنا، عملاً بقوله تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة 008]، كما أوجب على المسلمين احترام حقوق غير المسلمين المقيمين في المجتمعات الإسلامية، واحترام المعاهدات التي بينهم وبين غير المسلمين، عملاً بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } (سورة المائدة 1)، وقد جعل الله الوفاء بالعهد مقدماً على حق النصرة بالدين فقال تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (سورة الأنفال أية 72)، وأوجب على المسلمين إعلام الطرف الآخر بنقض العهد عند ثبوت بوادر الغدر والخيانة منه تحرزاً عن الغدر فقال عز من قائل:" وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ" (سورة الأنفال أية 58)، والمعلوم من قواعد العلاقات الدولية في الإسلام (وفاء بغدر، خير من غدر بغدر)، مستنتجاً من ذلك بأن دماء المعاهدين وأموالهم وأعراضهم محرمة مالم يحاربونا في ديننا، أو يخرجونا من ديارنا، وقد شدد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على حرمة قتل المعاهدين بقوله: ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً) صحيح البخاري (2930) عن عبدالله بن عمرو.
وقال لقد نهى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن قتل المدنيين المتواجدين في دار الحرب، في الحديث الذي رواه أبو داود عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: " انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "، وكذلك الخلفاء الراشدين من بعده كانوا يوصون قادة الجيش بهذه الوصايا، ومن خلال هذه الوصايا تتبين سماحة الإسلام، وسبقه في حماية المدنيين.
وتابع القاضي الهتار: لهذه الأسباب فأننا ندعو شباب المسلمين اليوم إلى الالتزام بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، وعدم الالتفات إلى الآراء والفتاوى والطلبات والتوجيهات المخالفة لنصوصهما، كما ندعو الحكومات العربية والإسلامية إلى القيام بواجباتها في تحصين النشء والشباب من الأفكار المتطرفة، وفتح أبواب الحوار والمراجعة والمناصحة الفكرية أمامهم، والاكتفاء بالإجراءات الأمنية الداخلية لملاحقة الخارجين عن القانون، وعدم السماح بالتدخلات العسكرية الخارجية لضرب أبناء شعوبهم، حفاظاً على سيادة بلدانهم، ولأن استمرار هذه التدخلات يوجد المبررات والذرائع لانتشار الأفكار المتطرفة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد