تطرق الدكتور/ رينولد هيربر, مستشار أول لمنتدى الفدراليات والذي يعمل مستشاراً للشؤون الألمانية والأوروبية ومقرها في كولونيا بألمانيا, في رؤية له قدمها في فعالية انعقدت بمحافظة حضرموت, إلى جانب من جوانب الفدرالية المهمة والمتمثلة في الخصائص والمهام.
وفي ورشة عمل التجارب الدولية للفدرالية المنعقدة بمدينة المكلا خلال 2-3 يوليو الجاري, والتي ينظمها منتدى الفيدراليات؛ أوضح رينولد هيربر بأن أحد أشكال اللامركزية السياسية هو مفهوم الفيدرالية ويسعى نظام الفدرالية إلى تحقيق توزيع السلطة السياسية بين السلطة المركزية والوحدات المحلية بالطريقة المثلى ومصطلح (فيدرالي) مشتق من الكلمة اللاتينية (فويدوس) والتي تعني الاتفاق والاتفاق هو الأساس للشراكة الملزمة بين أطراف متساوية حيث يبقى شركاء العقد الاجتماعي على هوياتهم الفردية واستقلاليتهم, بينما تكون جهة على المستوى الجماعي مسئولة عن البلد ككل, ولذلك فإن الفيدرالية تحاول أن تمزج ما بين وحدة البلد مع تنوع الوحدات التي تشكل ذلك البلد وهي بالأساس نظام للحكم الذاتي الطوعي والحكم المشترك- حسب رؤيته.
كما تطرق رينولد إلى الخصائص الهيكلية المشتركة للأنظمة الفيدرالية كشكل محدد من أشكال النظام السياسي اللامركزي، مشيراً في هذا الصدد إلى وجود نظامين اثنين للحكومة على الأقل, إحداهما حكومة كامل الاتحاد الفيدرالي والمستوى الآخر من الحكومة هو الحكومات التي تشكل وحدات فيدرالية (ولايات, مقاطعات, أقاليم، محافظات.. الخ) وكل منها تعمل مباشرة لخدمة المواطنين، وكذا التوزيع الرسمي للسلطات التشريعية والتنفيذية في الدستور وتحديد الموارد وتقاسمها بين مستويي الحكومة وبما يضمن نوعاً من الاستقلال الفعلي لكل مستوى، والنص على تمثيل معين لوجهات نظر الأقاليم في إطار مؤسسات صنع السياسات الفيدرالية, ويتم تحقيق ذلك عادة من خلال غرفة تشريعية فيدرالية ثانية.
وفي السياق ذاته لفت إلى أنه يجب أن يكون هناك دستور مكتوب يتطلب موافقة نسبة كبيرة من الولايات الفرعية لأي تعديل عليه، وكذلك مؤسسات وإجراءات تضمن تسهيل التعاون داخل الحكومة في تلك المجالات التي تتقاطع فيها المسئوليات بطريقة لا يمكن تفاديها.
وأشار رينولد إلى أن المؤسسات الفيدرالية هي مبنية أساساً على الانتخابات من جانب المواطنين بخلاف الكونفدراليات والفيدراليات والدول المنتسبة, منوهاً بأن الفيدرالية كشكل من أشكال اللامركزية يعطى لكافة المواطنين الفرصة للمشاركة الكاملة من خلال عمليات ديمقراطية في الأعمال التشريعية والتنفيذية في ظل نظام حكم مشترك, وبهذه الطريقة فإن الفيدرالية تساهم في إيجاد الشعور بملكية المواطن للمؤسسات التي يتم إنشاؤها.
وقال رينولد بأن مما سبق يفهم بأن المهام الرئيسية للأنظمة الفيدرالية هي تعزيز الديمقراطية والتعددية, واستيعاب التنوع, وتقييد السلطة, والتعبير عن الإرادة السياسية على عدة مستويات, وتسهيل المشاركة السياسية, والدفع بالسياسيين من الصف الثاني, إضافة إلى الكفاءة في حل المشاكل السياسية.
ولخص رينولد نظرته عن نظام الفيدرالية بأنه يختلف من بلد لآخر وليس هناك شكل محدد وقالب جهاز, وإنما على الشعوب اختيار الشكل المناسب لما يصلح لها, بحيث يتم الحكم عليها من زاوية تمكن هذه الأنظمة من تقديم الخدمات العامة بنجاح وإعطاء المواطنين الفرصة للمشاركة في عمليات صنع القرار.
ونوه رينولد بأن منتدى الاتحادات الفيدرالية تقدم خبراتها للعديد من دول العالم, وخيار الفدرالية في اليمن هو نموذج ممتاز, ولكن من يقرر ذلك هو الشعب اليمني.
يذكر أن الدكتور/ رينولد هيربر هو حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولونيا وشارك في عدد من المشاريع البحثية في الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وخاصة في أوروبا الشرقية, وهو مؤلف بعض الكتب العلمية ومقالات عديدة عن سياسة النظام الاجتماعي والشؤون الاجتماعية والصحة والاتصالات السياسية.