قصص قتل مأساوية وحرق حتى الموت وروايات تشريد واختطافات وتكسير محلات تجارية بحالها وتركها لألسنة اللهب أمام مرأى الجميع.. مشاهد بطش يندى لها الجبين في الجنوب وكأن ليس هنالك دولة وليس هناك دين ولا إنسانية..
إنها المآسي التي يخلفها دمار التطرف في الحراك الجنوبي.. "لا لتدمير الممتلكات بالهوية ونعم للمواطنة المتساوية.. لا للتعصب المناطقي.. لا للتطهير العرقي.. لا للعنصرية ".. تلك هتافات دوت صباح أمس بمطار المكلا؛ هناك حيث احتشد العشرات من أبناء المحافظات الشمالية الذين طالهم العنف غير المبرر من عناصر ينتمي للحراك المسلح، في سابقة دخيلة على أبناء المجتمع بحضرموت..
صباح المكلا أمس تنفس على صيحات التنديد المجتمعي بالانتهاكات ولافتات دون عليها شعارات تحكي المأساة وتنسج تعاطفاً غير ذي صمت في أوساط مجتمع متسامح ينبذ العنصرية ولا يقبل أبداً بالعنف والتنكيل الذي سار على نهجه حراك البيض في محافظات الجنوب منذ "21" فبراير الماضي.. حيث ندد أبناء المحافظات الشمالية بمحافظة حضرموت بالانتهاكات التي تطالهم جراء اعتداءات تيار الحراك التابع لعلي سالم البيض..
مصادر ميدانية تروي لـ"أخبار اليوم" أنين تضامن مجتمعي يكاد يتجاوز الصمت بالانفجار، صارخاً ضد جرائم الحراك وذلك أثناء ما كان العشرات من أبناء المحافظات الشمالية ينفذون صباح أمس الأحد وقفة احتجاجية أمام مطار المكلا بحضرموت للتنديد بالعنف والاعتداءات المتواصلة من قبل عناصر الحراك الجنوبي المسلح، مؤكدين أن هناك أكثر من عشرين أسرة لهم ستة أيام مشردين لم يستطيعوا العودة ولم يجدوا من ينصفهم أو يعيدهم لبيوتهم.
المحتجون طالبوا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة/ محمد سالم باسندوة بتحمل مسئولياتهم وتكليف لجنة لتقصي الحقائق والوقوف على حجم الأضرار التي تعرضوا لها من احراق محلاتهم وتشريد أسرهم من منازلهم بسبب المناطقية.
ومثلما عبر أبناء الجنوب ـ بمختلف شرائحهم ومناطقهم ـ لرفضهم البلطجة والقتل بالهوية كما هو حال حراك يقوده البيض ليجعل له من السحل والتنكيل عنواناً للنضال الممقوت.. عبر أبناء المحافظات الشمالية في احتجاجاتهم عن رفضهم محاولة الزج بهم في المهاترات والمماحكات السياسية، مؤكدين حرصهم على إعادة كافة حقوق أبناء المحافظات الجنوبية سواء كانت مسلوبة من قبل الدولة أو من قبل آخرين.
وكانت جرائم القتل بالهوية والاعتداءات التي طالت محلات تجارية لأبناء المحافظات الشمالية الذين تعرضوا للقتل والحرق حتى الموت تحت دعوى "لنفرض العصيان بالقوة".. قد أرغمت العشرات من الأسر والتجار من الشمال على حزم أمتعتهم ومغادرة حضرموت، خوفاً من بطش البيض وحراكه هناك وحفاظاً على أرواحهم وممتلكاتهم، ودرءاً لوقوع أي مصادمات باسم المناطقية..