نصيحة نقدمها للفعاليات السياسية ، المشترك والشعبي العام .. لا يظن أحد أنه بمنأى عن القادم الكارثي، ومالم يحضر بقوة صوت العقل ونداء الضمير الوطني فإن ثمة خطباً جللاً يبدأ اليوم من إرهاصات قوية حتماً وصلت في المستوى الأول أو التمهيدي إلى مرحلة إقلاق المواطن وإدخاله مرحلة جزع وفزع من هذا التباين بلا حدود والذي يقدم لأعداء الثورة والوحدة ما يتمنونه بكل يُسر وسهولة لتبدو القوى الوطنية وقد دخلت مرحلة إفلاس حقيقي أكان المشترك أو الشعبي العام وهو ما يفتح شهية المتآمرين ليضعوا أنفسهم كبديل عن هذه الفوضى التي أوصلت الوطن إلى تجاذبات لا تنبأ بخير مطلقاً .
وكأن هذا الشعب الصابر المرابط ليس من حقه أن ينعم يوماً واحداً بالسكينة والسلام، كأنه مع موعد دائم مع القهر، مع الخلافات والأزمات، وفتح أبواب النكد بحرفية عالية لا يجيدها سوى هؤلاء الذين يرفضون نداء الضمير ويذهبون بعيداً إلى حيث مأزقة الواقع وخلق صراعات قوية ويشتغلون ضد المصلحة الوطنية بل وحتى ضد مصالحهم الذاتية وبإخلاص شديد .
ويبدو أن هذا الانتحار السياسي هو الذي سيدفع بالجماهير التي تكتوي بنار الأزمات السياسية والاقتصادية ـ إلى أن تفرز قوى خيرية ولكن عبر بوابات التضحية كخيار لا مفر منه وهو خيار لا يتمناه ولا يريده ولا يرجوه أحد سوى هؤلاء العدميين بامتياز، الذين يدشنون مشاريع الألم والشقاء بتقاطعاتهم وذهابهم إلى مستوى الإقصاء والإلغاء وهي معادلة لم تنجح على مر التاريخ ولم تكن في يوم من الأيام عبر الدهر كله إلا إيذاناً بهلاك الدولة والأحداث التاريخية أكبر شاهد على ذلك .
والأمر إذاً أن الحاجة إلى استحضار العقل بقوة هو الذي لابد منه للحفاظ على مسيرة وطن يوشك أن يسقط بين القوى الانتهازية والسوداوية التي لا يحلو لها المقام إلا باختراع مفارقات الوهم وزيادة الهوة اتساعاً بين القوى الوطنية النضالية .
والرجوع إلى الحكمة وجعلها مناط التفكير هو الذي يوصد أبواب جهنم التي حقاً ستلفح الجميع دونما استثناء إن هي فتحت بغواية أو ممارسة هواية، سيما وأن الجماهير التي تعاني من اختلالات أجهزة الدولة وتفشي الفساد والتمرد الحوثي والحراك الانفصالي وخطابات وبيانات صناعة الأزمات ـ هي الآن أقرب إلى أن تفقد رشدها وتضيع معها خارطة الطريق الوطني وليس من حاجة إلى هكذا تداعيات ولازال بالإمكان ترميم البيت الواحد وردم التصدعات وهي فرصة تنبثق من القدرة على خلق مناخات الوئام والثقة التي تبدو اليوم مفقودة تماماً بفعل الكثير من المواعيد العرقوبية والكثير من الرهانات على التطرف في الإلغاء والإقصاء وهو تطرف يقود إلى المفزع قولاً وعملاً .
من هنا لابد للعقل أن يكون اللاعب الأساسي في ائتلاف المختلف واختلاف المؤتلف .. لابد لذلك النضالي أن يبقى في ذات الإيمان العميق بالمكتسبات ويحافظ عليها وليس بتدميرها من أجل حطام دنيوي يخسر فيه الإنسان آخرته بدنياه وتاريخه الزاهي بمكاسب لا تذكر أبداً أمام عظمة الانتصارات التي سجلها أكان ذلك هو المشترك أو الشعبي العام .
وما لابد من قوله هو أن الوطن على مفترق طرق يكون أو لا يكون، خيار وجودي نرجو أن تكون ساحته الحوار والتقارب وليس الاستحواذ والتسلط والقهر، القنبلة التي يشتم فتيلها كل أبناء الوطن ويدعون الله ألا تصيب شظاياها الأبرياء والوطن البريء البريء البريء من كل هذا الإفك السياسي .. واللهم لا تؤاخذنا.
المحرر السياسي
الطوفان القادم من إرهاصات الساسة 3299