تكشف الأحداث الكبيرة عن الشخصيات الكبيرة، وفي المواقف الكبرى تظهر معادن الرجال، وكما كشفت الثورة الشعبية اليمنية في العام 2011 عن كوكبة من أبناء اليمن الذين آثروا الانحياز إلى صف الوطن والشعب والثورة، ها هي الحرب الراهنة تفعل الشيء نفسه، لتتجلى الحقائق واضحة وناصعة، لا يتسرب إليها الشك ولا يطالها التضليل .
ومن بين أولئك الافذاذ الذين اختاروا طريق المشروع الوطني ضد مشروع الإمامة، اللواء الدكتور/عبدالله الحاضري، مدير دائرة القضاء العسكري، الذي قضى نحبه قبل يومين شهيداً يواجه جحافل الغزو الحوثي السلالي في إحدى جبهات مأرب .
وباستشهاده ختم اللواء الحاضري الفصل الأخير من حياته، بعدما جعله شطرين، شطر لمنازلة المشروع الامامي في ساحات المحاكم، وشطر في مواجهة المشروع نفسه لكن في جبهات القتال وميادين الكرامة، دافع عن اليمن الجمهوري بصفته رجل قانون، وحاكم قادة الانقلاب الحوثي الامامي معدداً جرائمهم ومفندا دعاواهم، ومع ذلك لم يعف نفسه من شرف مباشرة القتال وخوض غمار المعركة الفاصلة والمصيرية، معركة اليمنيين مع مليشيات رهنت قرارها بيد الحرس الثوري الإيراني، وجعلت من نفسها اداة رخيصة، مهمتها القتل والتدمير والخراب .
وينطبق على الشهيد الحاضري قول الشاعر :
وما مات حتى مات مضرب سيفه
من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
وكما يفعل الابطال دوما، استشهد الدكتور عبدالله الحاضري في ساحات الوغى معززا حضوره الجلي في ركب الشهداء الميامين، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .