تمظهرات الأحداث وتجلياتها على مستوى الراهن اليمني تكشف بجلاء أننا أمام مفترق طرق قابلة لأن تفسح الطريق للقوى الظلامية من ان تقدم نفسها بوثوقية إلى الآتي على خلفية ان القوى الوطنية التي انجزت انتصارات الثورة والوحدة والديمقراطية لم تعد بذاك الالتزام الوطني قدر ما هي الآن تتوحد في ذاتها ومن أجل ذاتها ضد وحدة وطن ليبقى الذين رأوا فيها قوى تدافع عن الثورة والوحدة مجرد وهم استفاد منها أعداء الوطن من خلال تقديمهم لذواتهم بأنه البديل الأقدر على صنع السلام والاستقرار.
ويبدو ان السلطة وأحزاب المشترك وهم يقعون في فخ القطيعة ويعمدون إلى تقديم الأزمة على الحلول، والمواجهة على الحوار قد أدركوا أنهم أعجز من ان ينتصروا لتاريخ، سيما بعد ان ظهرت قوى رجعية وانفصالية تتحكم بالواقع وتدفع في الاتجاه الذي ينجز أكثر من أزمة سياسية اقتصادية ثقافية اجتماعية..
ومن يرقب الواقع اليمني بكل محتوياته يجد أنه أمام متغير لم يشهد له التاريخ مثيلاً فالفساد بلا حدود والمناطقية والطائفية هي السائدة والارتهان والخيانة والعمالة صارت انتماءً وهوية بدلاً من الوطنية والوطن، وعدم الاستقرار والفوضى والتقطع والسرقة والنهب وابطال القانون هو معيار القوة، والتمترس والتسلط بدلاً من النظام والقانون.. هذه مخرجات اليوم التي فتحت دهاليز كبيرة يشتغل عليها أعداء الوطن والأمة ويقدمون البديل عن كل مراحل النضال الوطني ليجد الإنسان اليمني نفسه أمام قيم سلبية تماماً لم تكن ذات يوم قابلة للتشكل وكان ينظر إليها أنها المستحيل بعينه ولكنها بعد كل ذلك النضالي تتسيد الواقع وتصير هي السلطة بكل ما فيها من مدخلات تنضح بالفرقة والانقسام والشتات.
وما لم يحدث مستجد يستوعب ما آلت إليه الأوضاع الداخلية والتآمرات الخارجية فإننا سنجد الكثير من المؤلم قابلاً لأن يحتل مربع الديمقراطية ويفقدها القدرة على حل المشكلات لتغدو أزمة إضافية لا يقدر معها الشعبي العام وأحزاب المشترك على لملمتها من أطرافها وقد اتسع الخرق على الراقع.. ولأننا ما زلنا أمام ما يمكن القبول به والعمل من أجله وطنياً فإن التحلي بالقدر الكافي من المرونة ورغبة الانتصار للوطني هو الذي لا بد من استيحائه أمام تداعيات كبيرة تشكل اليوم أكبر خطر يتهدد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.. ويخطئ كائن من كان أنه سيكون بمنأى عن اشتعالات الوطن وأيامه فالقادم بكل ما فيه من شرور وآثام تبني نفسها على ارهاصات اليوم هو النذر التي لا بد من تجاوزها وإبدالها من أيام نحس إلى أيام فيها يقرر الإنسان بإرادته ما الذي ينبغي ان يكون ضمن توافق بين القوى الوطنية الاقدر على المضي في مسار الثورة والوحدة وتحقيق طموحات كل أبناء الوطن الذين باتوا يعيشون ارهاصات القادم بمخاوف الحاضر..
المحرر السياسي
بين إرهاصات الحاضر ومخاوف القادم 3441