لم نعترف بعد بأنفسنا.. لذلك نبحث عن اعتراف الأجنبي!.. نمنحه كل ما يريد وما لا يريد، ونتقن استرضاءه لدرجة التنازل عن البيرق والبيدق، وصندوق الانتخابات..
نريده حكماً.. وحاكماً "ونحن محكومين"!! نطلق له خيال اللعبة إلى أبعد مما يتصوره هو.. ونتنازل نحن عن كل ما نمتلك من وطنية.. في لحظة ضعف أمام السيدة "كلينتون"! نحشد لها كل الذي تحتاج إليه من الخطباء.. والساسة.. والمستشارين ..والمشائخ .. والنواب .. والنوام .. وكل أصناف المراتب والمخلوقات، لمجرد أنها تفضلت وأعطت فسحة من الوقت للديمقراطيين جداً ليشرحوا لها أسباب الخلاف وموجبات التغيير وضرورة التقدم ومكامن الخلل ومخرجات الاستبداد وكثيراً من الكلام الذي لا يقال .. لينتظروا على قلق غمزة البدء.. وليتحولوا جميعاً من مواطنين مغالين إلى أدعياء.. يوحدهم الخشوع والرهبة والقدرة على الإصغاء للسيدة كلينتون.. وليتهم قد أصغوا مرة إلى نداء العقل ورضا الضمير.. لما احتاجوا إلى هذا القادم من وراء البحار ليعلمهم التقوى والورع والزهد الوطني.. فيما هم يزدادون تطلعاً إلى المتوالي من التنازلات، ليس في صالحهم أو من أجلهم معارضةً وسلطة، ولكن لأجل خاطر السيدة كلينتون التي ازدحمت القاعات والأمكنة بكل الرتب السياسية احتفاءً بها ،في تظاهرة غير مسبوقة على مستوى الكرة الأرضية بما يعني أن التعثر من موجباته الارتهان الكامل!.
وقد فعلوا جميعهم ودونما استثناء، هؤلاء الذين نشفق عليهم جميعاً تماماً ونحن نتابعهم عبر الفضائيات إلى مستوى انحداري اتخذوه مع الوطن وأنفسهم وقد صاروا بعيدين (عن الله) أقرب (إلى أميركا) إصغاءً وإرهافاً وتقوى ومسؤولية وهم الذين يرعون شؤون الوطن والديمقراطية والذين تنازلوا عن الغلظة والوحشية والنظرة التي تحمل الكبرياء على المواطنين والاحتقانات فيما بينهم ليتحولوا جميعاً إلى متعبدين متبتلين في محراب السيدة كلينتون.. يدّعون إخلاصهم الشديد للديمقراطية وحاجة الوطن إليها.. وليتهم فعلوا مرة واحدة أمام أنفسهم أو حتى أمام المرآة.
ليتهم كانوا ذات يوم كأن على رؤوسهم الطير مثلما رأيناهم أمام السيدة كلينتون بانضباطية (عجيبة) ،ليس فيهم من يتباهى أو يتبختر أو ينظر شزراً للآخر.. فكل الوجود في حالة أناقة تامة "ما شاء الله عليهم وهم يريدون أن ينالوا رضا السيدة الأميركية كلينتون!".
لا عجب إذاً أن يكون الوطن مليئاً بالدخان وكثير من التعب والتصحر العقلي والجفاف الإنساني ..لا عجب أن نركن إلى الخديعة.. ونوارب جهاراً نهاراً اختراق السيادي حينما تأتي كلينتون -وزيرة الخارجية الأميركية إلى المعارضة وليس لها أي حق يمنحها هذا الفضول الذي تحول إلى ضرورة ومنطق ..لا عجب أن نجد كل شيء قابلاً للإنهيار فينا ومنّا .. ذلك لأننا نجلد الذات اليمنية بسوط الأجنبي حين نكتف أفكارنا الوطنية ونرتاح إلى معادلات اختراق السيادة عبر كلينتون ..ولأننا افتقدنا التواضع والحكمة مع أنفسنا وأعطيناها للأجنبي بما تهوى نفسه علينا ،وليس مزيد..
إذاً فالخديعة نحن.. والجحيم هم الآخرون ..الذين من حقهم أن يحددوا ما يجب علينا وما لا يجب .. أَبعْدَ هذا يمكن أن نكون" نحن" "نحـن" ولكننا سنطلق صرخة ناظم حكمت ( آه يا وطني)!.
المحرر السياسي
آه يا وطني! 3396