أعلن وزير الداخلية في دولة الكويت أنه مستقيل عن منصبه قائلاً بأنه.. لا يشرّفه البقاء فيه وثمة سجّان قاتل انتهك حقوق مواطن.
هذا الموقف الاستثنائي بكل المقاييس في زمن الاستبداد العربي والتهافت على المنصب والجاه واستلاب حقوق البشر.. هو بارقة أمل بكل تأكيد في ليلنا العربي، يبعث فينا بصيص أمل أن شيئاً ما يطلع ليمس الفرح الآدمي الذي نريده ونتوق إليه من زمن ليس بقصير..
كأن هذه الاستقالة بمعناها الكبير احتجاج ورفض لما يرتكب من انتهاكات يومية للحقوق وحريات المواطن العربي.. هذه الاستقالة تمس النظام العربي المتسلط في الصميم وتفتح طريقاً إلى حيث يجب ان يكون الإنسان منحازاً إلى قيم الحق والخير والجمال..
وبكل تأكيد فإن هذا الوزير بموقفه المبدئي العظيم قد أحرج كل أنظمة القمع وفعل فيها ما تستحق من الإدانة التي لم يقدر أحد من بين كل الأنظمة ان يفعلها والكويت وحدها باحترامها للحقوق والحريات هي التي قدمت الأنموذج الإنساني الذي يجب أن يكون، دونما مواربة أو بحث عن مفخرة فالكويت أجلّ من أن تقع في شيء من هذا.
لكنه الوعي الإنساني العميق وحب الحرية ورغبة الانتماء إلى كل ما هو خلاق وأصيل، هو الذي أعطى ما نتمناه أن يكون في وطننا..
وزير الداخلية الكويتي من هذا الشعور الكبير بالمسؤولية ومن حيث لا يدري أحرج كل الأنظمة التي تمارس القهر والتعسف وكبت الحريات وتسميم العدالة بالتعالي على المواطن وجعله المستهدف.. قدم استقالته من أجل مواطن قتل بالتعذيب، احتجاج يستحق أن نلقي له بالاً فمثل هكذا موقف في دولة عربية غير الكويت يبدو مستحيلاً..
وزير الداخلية الكويتي بمعنى من المعاني قال لنا انظروا إلى سجونكم، تطلعوا إلى ما يجري في حق المواطن من قهر، فكم من الزنازين تتسع للظلم فقط وكم من الحقوق تنتهك فيها.. وكم من القهر والقتل يمارس كعادة يومية ولا أحد حتى يسأل لِمَ كل هذا الموت المجاني.. ولمَ الإنسان في البلدان العربية رخيص إلى هذه الدرجة، لماذا حين يقترف النظام العربي جريمة ضد الحرية وحقوق المواطنة يقابل بالهتاف والتصفيق عدا الكويت فإنها شكلت الضوء الجميل الذي ينير درب الكرامة والحرية وجعلت من الشجاعة قيمة أخلاقية نادرة وجدناها فقط لدى هذا الوزير الشجاع...