بوضوح ثمة نموذج تونسي مصري.. الخ يؤكد وبقوة أن الشراكة الوطنية بين الفرقاء والحوار الجاد والصادق والثقة هي وحدها التي تقي شر أي مؤامرة قادمة من الداخل أو الخارج تستهدف الدولة الوطنية..
وبين هذا الوضوح وما يبدو غامضاً من مناورات ومحاورات يقع مطلب أساس وهو كيف نتجاوز المعضل إلى البسيط! وكيف نقدم التنازلات دون أي تردد من أجل الوطني خالياً من الصراع؟!!
وكيف أيضاً نمنح الآخر الضمان الذي يريده من أجل الاندماج في شراكه مستقبلية تنجز سهاماً ضرورية؟! وتحقق طموحات طالما كانت متعثرة بفعل القطعية بين القوى الفاعلة؟!
كيف يكون ذلك دون أي من أو أذى ما دام ثمة ضرورة لا مفرّ منها للتعايش الصافي الذي لا يقبل بأي خلاف جاهز للفوضى والدمار؟!
أسئلة لا بد من الوقوف أمامها من قبل الفعاليات السياسية بلا أي تردد إذا ما أدركت ان قناعاتها الحقيقية أمام مشهد المتغير العربي يملي عليها الإسراع وبلا تردد في إعادة صياغة الشراكة بما يجب ومهما أقتضى الأمر من تنازلات وضمانات إذ أن ذلك في النهاية لا يعني شيئاً مادام ثمة صدقيه وإخلاص في التعامل مع الآخر الذي عليه ان يكون شريكاً بثقة كاملة لا تقبل البحث عن الكيدية أو تصيد الأخطاء ومن ثم الارتداد عن المتَّفق عليه.. لنرجع إلى المربع الأول ولكن بأشد ضراوة وعنف مما كان عليه من هنا فقط موجبات التوافق تنطلق من رغبات صادقة وعميقة وحقيقية وإزاء هذه الصدقية يغدو أي حديث عن الضمان للشراكة قابلاً للتنفيذ ولا يعني شيئاً مهما كان متطلب هذا الضمان لأن في الأصل أن القناعة أكيدة ومتوفرة وليس الضمان هنا أمام قوى تشعر أنها بحاجة إلى المزيد من خلق الطمأنينة سوى عمل وطني ومشرف بكل ما تعنيه هذه الكلمة..
من هنا نقول للفعاليات السياسية أمامكم وقت وجيز جداً لتجاوز القادم المظلم وأمامكم طريق صعب وشاق في عملية البناء الديمقراطي لا يمكن ان يتم إلا من خلال تغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى باعتبار ذلك هو المسار الذي ينبغي لتجاوز ما يراهن عليه الأعداء وهو الطريق الذي يقدر من خلاله شركاء الوطن أن يحققوا إنجازات كبيرة تتجاوز كل ما فعلته الخلافات من قضايا لاوطنية وما انتجته من تناقضات حراك انفصالي وتمرد حوثي وقاعدة إرهابية وفساد متعدد الأوجه وتدخلات خارجية وداخلية.. كل ذلك يستدعي اليوم التفافاً جماهيرياً على امتداد الوطن تحت راية واحدة تصنع النصر الوحدوي العظيم وتفتح مستقبلاً لمتغير يحفظ للإنسان كرامته وعزته ويحقق للوطن أمنه واستقراره وسيادته التي توشك على التداعي بفعل التناقضات بين القوى الوطنية وما خلقته من حقول الغام قابلة للانفجار في أي لحظة.
على هذا الأساس ينبغي إدراك الراهن وما نريده مستقبلاً ومن ثم البناء عليه ومن وحيه ضمن شراكة وطنية ترفض الاملاءات وتدع الضروري وما ينبغي عمله وطنياً هو الذي يملي عليها الاشتعال وليس الرغبة في الاستعلاء أو السيطرة والمكايدة السياسية وتحديات التأزيم فكل ذلك لا ينسج غير فتيل الفتن ولا يقدم غير المرهق وطنياً ولا يكشف إلا عن قوى قابلة للخديعة وليس مصر ولا تونس ببعيد عنا إنها اليوم نموذج يقدم نفسه ينبغي الاستفادة منه كدروس في أهمية الوحدة الوطنية لإنجاز تحولات المستقبل في البناء والتنمية والديمقراطية فهل تستوعب الفعاليات السياسية دروس مصر وتونس وقبلها إيران... إلخ.
في تقديرنا ان لديها من المرجعية في هذا الجانب ما يجعلها تتفق بلا تردد..!!