قدم الإخوان المسلمون في فعاليات الثورة ضد الظلم والاستبداد والقهر الصورة الأكثر حضارية في ممارسة الديمقراطية ليتصدر بلا منازع الفضائيات قاطبة والتي أبرزتهم في المستوى ا لمدني الراقي وفي أنهم القوة الفاعلة في التغيير من منطلق احترام الآخر والتعايش وإعلاء حقوق وحريات الإنسان على ما عداها.. ورغم أن نظام حسني مبارك حاول أن يجد مدخلاً لإبراز القوى الأصولية الضيقة ليكسب تعاطف الغرب وتعاطف القوى اليسارية إلا أن كل ذلك يتصادم تماماً أمام الواقع ومرادات الإخوان المسلمين بالدولة المدنية الحديثة التي تخضع للدستور والقانون وتختار الديمقراطية أسلوب عمل في حياتها، ليبقى نظام حسني مبارك هو المدان وهو الاستبدادي والقابع في العصور المظلمة عاجزاً من أن يتفتح مع الآخرين ويقود شراكة وطنية مع كل القوى الفاعلة.
وبهذا يثبت الأخوان المسلمون للعالم قدراتهم بأن يكونوا قوى التغيير الحقيقية التي لا مجال فيها للفوضى أو الضيق بالآخر كما لا نزال في هذا الإدعاء واحتكار الحقيقة..
من هنا يدرك المتابعون أن الإخوان المسلمين اليوم غيرهم في الأمس تماماً، فهم ينادون بأعلى الأصوات.. نعم للحرية، وللديمقراطية، للتعايش الإنساني، للحداثة بآفاقها الرحبة.. نعم للحياة الحرة الكريمة التي تؤمن بإطلاق الطاقات وإتاحة الفرص بين كل أبناء المجتمع.. ولعل الهتافات التي يطلقها الأخوان في تحرير مصر "نعم للدولة المدنية، لا للدولة الدينية لا للتعصب"..
شكلت هذه الهتافات صدمة قوية للنظام المصري القمعي وأدرك تماماً كم هو متخلف عن العصر، كما كانت هذه الهتافات تعبيراً أميناً وصادقاً لما يسعى إليه الأخوان المسلمون، قابلها العالم المتحضر بترحاب كبير وأيدها ورأى فيها حداثة ثورة قادرة على تغيير منطقة الشرق الأوسط من ذات الهوية الحضارية التي يتوق إليها الإنسان المعاصر..
ويبدو أن الغرب الذي تابع بداية الحدث وزخمه قد أدرك أن الأصولية والعدميه والتطرف والإرهاب هي اختراع الأنظمة الاستبدادية وهي التي تنتجها لترهب الآخرين تحت ذريعة إما أنا أو القوى الأصولية المتطرفة، على هذا الأساس الأخوان المسلمون اليوم حدايثون في طريقة تعاملهم مع الآخرين وحواراتهم وأساليبهم الحياتية وطرق تفكيرهم وقدراتهم في التعامل مع العصر لا تقبل التطرف أو الضيق بالآخر.. هذا وحده أكد أن الإرهاب والتطرف والأصولية في الشرق الأوسط اختراع أنظمة أكل الدهر منها وشرب.. أنظمة استبدادية مفرضة بالقمع والاستحواذ على مقدرات الشعوب، وما حدث من فعاليات على امتداد الأرض المصرية وشاهده العالم بأسره قد أوسع الصور على الشعب المصري والمواطن المصري الذي تجاوز النظام بمراحل كبيرة في التفكير وحقه في العيش الكريم، وكان التآزر بين كافة القوى اليسارية واليمينية والطائفية؛ إسلامية ومسيحية هو المنحى الأكثر نقاءً وجمالاً التي بعثت برسالة واحدة لا لبس فيها ولا غموض وهي الأخوان المسلمون هم الحداثيون تماماً بتعايشهم مع الآخر بدرجة أنهم الأقدر على إنجاز طموحات كل أبناء الوطن والانتصار للإنسان كإنسان كرمه الله وأن الأرض من الشرق أوسطية المتخلفة هي الأصولية المتطرفة وهي التي تنتج هذه القوى الظلامية في محاولة تشويه صورة الأخوان المسلمين التي لم تعد تقبل اليوم أية تشويه باعتبار الواقع يقدم الحقيقة كاملة دونما تزوير.. فهل تستيقظ أنظمة القمع لتدرك أين تكون الحداثوية وعياً وممارسة أم أنها ستظل تغلق نوافذ التغيير تحت سطوة الإدعاءات ولغة الاتهام؟.. سؤالا ن القادم والأيام كفيلان بالإجابة عليهما.
المحرر السياسي
الإخوان المسلمون.. الحداثيون اليوم 3710