لقد كان الأحرار في العالم يرقبون الإطاحة بالديكتاتور، وينتظرون متى يكون للحرية حضورها في التحرير لينعم بها المصريون بعد طول عناء، وفي ظل هذا الترقب حدث ما يشبه لعبة شد الحبل بين احرار العالم والديكتاتور الذي أطلق العنان لكلابه البوليسية تنهش في الإنسان المصري ليعاود الندم والشعور بالألم إزاء ما حدث وهو الأكثر براءة في هذه اللعبة الهمجية، ومما زاد الطين بلة الإعلام الرسمي الذي تعمد ان يقلب الحقيقة وان يقدم البيانات والأخبار الخاطئة بإشراف الديكتاتور ذاته، وكأن الرهان بين الاحرار وهذا المستبد هو اللعب على الوقت وطول البال وبين ديكتاتور ينعم بالدفء وأجواء القصور بما فيها من خدم وحشم وبين أولئك الاحرار الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، كانت الحرية هي المنتصرة وهي الباقية وهي باعث الدفء ووجع المعاش، هي التي أقلقت الديكتاتور، جعلته يعيش التخبط ونزق اللحظات وقرارات الارتجال لتجعل منه نهاية غير سعيدة وغير متوقعة رغم عشرات المستشارين الذين يلتفون حوله ورأوا في بقائه استمراراً لمصالحهم الذاتية التي عكرت صفو وطن وخلقت فضاءات الشد والجذب بين ان يكون الاحرار أولا يكونون، ولكن هذا المحدد وهذا الخيار قاوم، صمد، انتظر بشغف ليوم يعز الله فيه من يشاء ولم يكن يدور بُخلد أحدٍ من الاحرار ان يتراجع قيد انملة أو يقبل بالقليل وثمة شهداء قد سقطوا وحرائق قد اشتعلت وحقدٍ شره عبّر عنه الديكتاتور ضد أبنائه.. لم يكن أمام هؤلاء الثوار الاحرار غير المواجهة بصدر عارٍ والتحدي من أجل النصر وليس غيره والقبول بالتفوق ضد الديكتاتور ليتحول بعدئذٍ إلى مجرد حالة محبطة تحتار كيف تكون وأين تكون وماذا تعمل وكيف تواجه، هذه الحيرة أجبرته على ان يسقط مثل صنم لتحترق الهيبة كلها وتصير كل سنين الضيق تذكار حرية لنهاية طاغية، وتتحول كل تلك الصور في الساحات والميادين العامة والحارات والأزقة والمكاتب إلى قراطيس إما مبعثرة في الهواء أو محترقة مثل الديكتاتور وقد رحل بلا معنى، شخصية محروقة وجودها مأساوي وحياتها إحباط، رحل مثل سحابة صيف من وطن هو شعلة الضوء وقبلة الحرية للأمة قاطبة
المحرر السياسي
لا مفرّ للديكتاتور العجوز من الرضوخ لثورة الشعب! 3791