لطالما كنا صادقين في السابق من دعوتنا للنظام بأهمية القبول بما تم الاتفاق عليه يوم أن كانت القضية محصورة في القائمة النسبية وتصحيح جداول الناخبين، وكان يُنظر إلينا حينها من قبل الذين لا يرجون للوطن الأمن والاستقرار وتغويهم مصالحهم الذاتية بأننا أعداء الوطن والتاريخ.
ولم نحد عن موقف كنا صادقين فيه وأصحاب مبادئ وقيم وليس مأجورين منتفعين، ولطالما كانت دعوات ومبادرات للإصلاح وإنجاز ما يستحق أن يلملم شعباً شرخاً في جداره السياسي.. غير أن الذين كانت لهم منافع وأرباب شيطنة وأبلسة قالوا عنا الكثير من الغلط، وقد مرت الأيام وكشفت أوراق الزيف وظهرت الأقنعة الزائفة من الحقيقة وبدى أولئك النفر الذين يتقنون الخراب وينجزون الوقيعة أنهم التنابلة والمرجفون وليس من كان ناصحاً أميناً وصادقاً.
واليوم بصدق نقول مبادرة الإخوة في الخليج لم تعد تقبل غير الموافقة دونما تسويف ومغالطات والذهاب بالأمور إلى أكثر مما تحتمل وعلى النظام أن يذهب مخلصاً ودون أي تحرج أو تردد إلى حيث يجب أن تتم عليه الأمور، ودون لحظة تردد ليستبقي ما يقدر عليه من الخروج المحترم ومغادرة السلطة بضمانات الأشقاء.. وأي دعوة إضافية لمحاولة تفسير المفسر وإضافة تفاصيل لضياع الوقت، إنما هي حمق ما بعده حمق، وهو كمن يحرث في البحر إن حاول العودة بالأمور إلى وضعها السابق باسم الدستور والشرعية الدستورية.
فالمطلوب أن يقدم النظام نفسه بثقة إلى الموافقة على مبادرة الأشقاء في الخليج، وأن يقبل بكامل قوامها وأن لا يخترع ما يعطل ساعة واحدة تؤجل تسليم سلطات رئيس الدولة إلى نائبه وأن يفهم بدقة أن الزمن ليس في صالحه والواقع كذلك ليس في صالحه وأن أي قفز على هذه المبادرة يؤدي إلى أمرين الأول خسارة الأشقاء في دول الخليج الذين يريدون النظام مُزاحاً عن السلطة باحترام ووقار والثاني تصليب الداخل من القوى الثورية والشبابية التي هي اليوم في محل الرفض لهذه المبادرة ، وتلك فرصة سانحة للنظام لكشف من يرفض اللقاء والحوار ومن يريد تأزيم المؤزم.
أما أن يسير النظام في ذات الخيبة بالتلكؤ في التعامل مع المبادرة ووضع سيناريو إضافي فذلك يعني الإجهاز الكامل على كل ما تبقى من فرصة أخيرة يمنحها الإخوة في الخليج وضمانات ربما ستبقى بعد وقت وجيز حلماً لا يتمكن تحقيقه فيما هو الآن قابل للتناول، وأكثر ما نخشاه أن تكون هذه الفرصة الأخيرة، ونصحنا هذا يجد من التعنت وعدم الفهم ما يوقع النظام في "حيص بيص" ليجعلنا حينئذ نتذكر قول الشاعر العربي:
نصحتهم قومي بمنعرج اللوى ** فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ
المحرر السياسي
الفرصة الأخيرة 3628