وقت كان الجميع يتابع أخبار الساعة التاسعة مساء أمس الأول - في القنوات العربية وليس اليمنية طبعاً والجميع يعرف لماذا ليس اليمنية- ويتنقلون بين تلك القنوات الإخبارية، لمعرفة ما يدور في اليمن بشكل أكثر قرباً من الواقع المؤلم والمأزوم الذي تعيشه أفقر بلد عربي في العالم، بفعل نظام حاكم جثم على الكرسي والثروة والصدور "3" عقود ونيف.
في هذه الأثناء التي تعتبرها إدارة القنوات المحترمة والمهنية "الذروة" وهو ما تفتقده قناة "قفي" اليمنية- شد انتباهي الشريط المرفق لخبر قناة "الجزيرة" عن الأوضاع في اليمن، والذي كان نصه "دول الخليج تقترح على المعارضة تقديم ضمانات للرئيس اليمني من خلال تشريع دستوري أو قانوني" إلى هنا والنص انتهى.. و حلت الطامة الكبرى إن صح هذا الكلام، لمعرفة جميع الأطراف المعنية بهكذا مباحثات أن مجرد الحديث عن شيء كهذا وليس الطلب أو الاقتراح- يعد أكثر جرماً من جريمة القتل والاعتداء ونهب الثروات والفساد الذي التهم خيرات البلاد والمحسوبية التي دمرت وطن على مدى أعمار الشباب الثلاثينيين المعتصمين في ساحات العزة والكرامة والتغيير والحرية.
شخصياً لم أستوعب أو بالأصح لم أتخيل فعلاً أن دول مجلس التعاون الخليجي تتقدم بشيء كهذا، وأن تقبل على نفسها أن تلعب دور من يبحث عن مأوى آمن لجانٍ كي يتسنى له من على تلك الشرفة المحاطة بجثث الأبرياء مشاهدة جسد الضحية حين يتم التعزير بها منذ الوهلة الأولى لقبول مناقشة هذه الجريمة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ما أريد أن أقوله هنا أن الأشقاء في الخليج ليسوا بهذه السذاجة كي يتقدموا بهكذا مقترح إجرامي، حتى لو طلب منهم ذلك، فهم يدركون أن دم الإنسان لا يقدر بثمن، وكرامته ليست محل تفاوض، كما يدركون أيضاً أن الأرواح الطاهرة والدماء الزكية التي سقت ولازالت شجرة الثورة الشبابية السلمية غير قابلة لحوار يفضي إلى نجاة الجلادين وتعذيب الضحايا، سيما وأن الحديث عن المبادرة وهذا النظام يرتكب بحق أبناء اليمن في جميع ساحات الاعتصام أقذع الجرائم.
من هنا أقول لأطراف المبادرة والمقترح: دماء الشهداء والجرحى هي الجذوة التي تتقد بها شعلة الثورة السلمية، لن تنطفئ بالحديث عن جريمة دستورية أو قانونية، لعناتها ستلاحق جميع من يطرحها للنقاش فقط.
مرايا:
- حتى وإن قلت ستظل صامداً كصمود الجبال، فاهتزاز حكومتك وكرسي سلطتك كامن لا محالة، ورحيلك وتغييرك أمر قد أراده الله جل في علاه وسيكون اليوم أو غداً.
- سعيت أن تظهر أمام مجموعة من نساء اليمن بأنك قوي ولم تتأثر بهذه الأزمة التي تعيشها البلاد، ولكن ذلك لم يحدث، فلو شاهدت نفسك من خلال ذلك التسجيل غير الممنتج، لعرفت كيف أن نبرة صوتك قد تغيرت وبُح صوتك من كثرة مداعاة الشرعية المتداعية والمنتهية أصلاً، فما إن يصبح أي رئيس محل خلاف بين شعبه وأبناء بلده، ما عليه إلا أن يرحل كي لا يتسبب في تطور هذا الخلاف إن كان حريصاً على البلد وأبناءه.
- لو أردت أن تعرف إلى أي مدى وصلت، إلى حالة من عدم القدرة على السيطرة، وإلى أين وصل ارتباكك.. ستقرأه في عيون وتصرفات نجلك ونجل أخيك اللذين كانا خلفك كحراسة خاصة وأنت تلقي خطاب الصمود المزعوم الذي تستجديه من أمهات وأخوات وبنات يشكين طوال سنين من لعنة مرتبات غير الضمان الاجتماعي.
إبراهيم مجاهد
ضمان الجاني وتعزير الضحية.. 3537