يتعرض الوطن اليمني لمآسي يندى لها جبين الإنسانية من قبل النظام، فالقتل والتشريد والتجويع والحصار الاقتصادي الشامل وانقطاع الكهرباء والمياه ومصادرة الحريات والاعتقالات، كل هذا يمارسه النظام ويتلذذ بأنات الأبرياء ويكاد الوطن أن ينهار بمعاناة طالت زمنياً وزادت في هذا الشهر الكريم، في ظل صمت عربي ودولي مطبق وتواطؤ بات واضحاً مع نظام يفتقد إلى شرعية وجوده إلا من دعم خارجي يزيده صلفاً والوطن معاناة وهو أمر بات محل استنكار وإدانة شديدة من قبل الجماهير اليمنية التي ترفض هذا النظام وتعبر عن رفضها في ظل أجواء القمع وإرهاب النظام، ومع كل هذا لا يشك اليمنيون لحظة في انتصار الثورة وأنها حقيقة لا لبس فيها ولا غموض وما يحز في نفس كل يمني أن نجد مواقف الأشقاء ليست في مستوى المسؤولية وما يتطلبه حق الأخ على أخيه.
ولاشك أن ساحات التغيير المليونية تتطلع إلى مواقف عربية جادة ومواقف واضحة إزاء ما يرتكبه النظام من قتل جماعي وتشريد آمنين..
وإذا كان الدكتاتور في سوريا وجلاوزة نظامه قد أدينوا بفعل جرائمهم من قبل الأشقاء وهو موقف مطلوب وضروري فإن الأحرى أن يدرك الأشقاء الحاجة إليهم في تحديد موقف مسؤول من النظام وممارساته الفاشية ضد الشعب اليمني لتتساوى كفة الميزان في إدانة القمع أينما وجد وتأكيد المصداقية السياسية في مواقف لابد منها ولم يعد بمقدور أحد أن يغض الطرف عن نظام يقصف شعبه بكل أنواع الأسلحة وطائراته تدمر قرى بأسرها، كما لا يمكن أن يظل النظام بمنأى عن ملاحقته إذا ما أدرك الأشقاء أهمية الانحياز للشعب اليمني وقد طال صبره وبات حقيقة يسأل:لماذا الصمت العربي حيال ما يجري في اليمن؟ هل الدم اليمني رخيص في أعين الأشقاء إلى درجة الصمت الرهيب؟ولماذا تظل اليمن في منأى عن دائرة الاهتمام لما يجري فيها من جرائم ضد الإنسانية؟
هذه تساؤلات يفرضها الواقع والأحداث والمواقف التي تقدم نفسها من نظام القمع في سوريا والنظام اليمني الذي يمارس أبشع أنواع القتل وما من موقف عربي واحد يمكنه أن يشير إلى الجريمة.
ولعل هذا يفتح مزيداً من شهية النظام في بلادنا ليزيد من الجرائم مادام وثمة مساحة واسعة متروكة له لينجز جرائمه..
ولعلنا اليوم وفي هذا الوقت تحديدا نحتاج من أشقائنا بعض موقف مما حددوه من سوريا، نحن لا نطالبهم بالكثير قدر حاجتنا إلى تعاطف إنساني أولاً،وضمير يقف إلى جانب المضطهدين ممن يريدون حياة حرة، كريمة، خالية من المصادرة واحتكار السلطة وخالية من العسف والجور والظلم وذلك أمر لا يخفى على أحد اليوم.
ولعل الأخوة في دول الخليج وهم أصحاب سياسة حكيمة ورصينة ـ وقد أكدوا رفضهم لممارسة النظام السوري في القمع ـ لعلهم أيضاً يقفون إلى جانب الشعب اليمني في محنته وما يتعرض له من بطش وتعنت كبير وتحد بالقهر لشعب أعلنها ومارسها سلمية ويجابه بالدمار الكبير والهائل الذي يشكل إحراجاً حقيقياً للإخوة في الخليج إذا ما بقوا على صمتهم والتفتوا فقط إلى سوريا ودكتاتورها، في حين أن الشعب اليمني أولى بالموقف المساند له بعد أن طالت محنته.
وفي كل الأحوال فأن موقف المملكة مما يحدث في سوريا ورفضها لقمع النظام لشعبه يشكل ضوءاً لنا في اليمن ويؤكد أن أخلاقيات الأخوة في المملكة هي ذاتها تدين ما يتعرض له الشعب اليمني من جرائم بشعة وأن الموقف من نظام سوريا سيجر تبعاته إلى اليمن لتشكيل موقف خليجي من هذا النظام وقد تمادى في البطش أو على الأقل هذا ما يراود الشعب اليمني الذي يريد إسقاط النظام وبالقدر الذي نحن مع المملكة في موقفها من إرهاب النظام السوري لشعبه بذات القدر ننتظر الموقف نفسه ضد النظام هذا الذي تغول وصار ظلامياً لا يمكن السكوت عنه وإنّا ننتظر.
المحرر السياسي
لماذا دكتاتور سوريا فقط.. هل رخصت دماؤنا في أعين الأشقاء..؟! 5046