المؤكد اليوم أن طهران قد بسطت ذراعها الى حد كبير في اليمن، وتمكنت من إيجاد نفوذ حقيقي لها باتجاه شمال الشمال, وأن المملكة العربية السعودية قد سحقت في اليمن رغم الجوار والوشائج التاريخية والعلاقات المتميزة.. ونقول هزمت, لأنها تركت لطهران اللعب على الديني والسياسي في آن، وأدارت الظهر عما يحدث من تفاعلات في اليمن حققت طهران من خلالها هدفاً استراتيجياً عبر ما يسمى أنصار الله أو الحوثية والذين صاروا ذراع إيران في اليمن للانطلاق إلى المملكة العربية السعودية واستهداف المذهب السني بشكل مباشر.. بما يعني أننا أمام قادم خطير يوشك أن يقع, وأن السعودية بعدم جديتها في الوقوف مع اليمن في مواجهتها لمؤامرة الخارج والداخل قد أخلت الميدان لقوى الإثنى عشرية الصفوية للوصول إلى مرامي طهران وتطلعاتها في ضرب منطقة الجزيرة والخليج وإدخالها في فتن وفوضى ومتاعب لا تحصى..
السعودية وليس غيرها من ارتضت أن تكون اليمن لقمة سائغة لطهران، فلا عجب أن تطل أحداث قد تفزع المملكة وتخلق مناخات لا ترجوها من العنف ومن الفوضى بسبب غياب الدور الحقيقي في الوقوف مع اليمن مهما كانت التباينات أو الخلافات أو السياسات.. فإن ما هو خطر عظيم وماحق مدمر أكبر وأهم من أي رؤى واهنة وتكتيكات فاشلة، وهو ما يفرض على السعودية نصرة اليمن والوقوف معها ضد المخطط الفارسي، وما يجب أن تفهمه السعودية اليوم أن غيابها عن الفاعلية في الساحة اليمنية وما يقوم به البعض من ساسة المملكة في التغاضي, بل وتشجيع ممارسات لصالح طهران, كتأييد الحراك الانفصالي الذي شارك بقوة في تشييع جثمان الهالك حسين الحوثي، يعد أمراً بالغ السوء وخطيراً يلحق أفدح الضرر بالسعودية وقد بات قاب قوسين أو أدنى، وهو أمر طالما أكدنا عليه من زمن في العديد من الدراسات والتحليلات التي قدمتها مؤسسة الشموع والتي كشفت المخطط الفارسي كله على اليمن ودول المنطقة وعلى وجه الخصوص السعودية.
واليوم ها نحن بملء الفم نقول لساسة المملكة: اليمن تعيش أسوأ مؤامرة عرفها التاريخ من قبل الفرس وشيعتهم الصفوية، واليمن اليوم تعاني من هزيمة المملكة في ساحتها وتركها الحبل على الغارب لطهران التي تبذل الغالي والنفيس للوصول إلى مجالات تحقيق مكاسب مهمة وكبيرة للتشيع الصفوي لمواجهة قادمة من اليمن مع السعودية التي جفلت وفشلت في التعامل بوثوقية مع اليمن في خلق مناخات سلام واستقرار ووقوف مؤازر حقيقي وليس تكتيكياً, لينعم كل دول الجزيرة والخليج بالأمن والاستقرار.. غير أن كل ذلك لم يحدث وعجز السياسة السعودية في إيجاد نهوض حقيقي ومواجهة قوية لمخطط فارس الرامي أولاً وأخيراً إلى ضرب بلاد الحرمين، هذا العجز سيكون له أكبر التداعيات التي لن تتحاشاها السعودية مهما ظنت ذلك ومهما أخذها الغرور، فطهران اليوم تقرع جرس الدخول إلى بوابة المملكة وتنامي المد الصفوي الفارسي في اليمن يحقق نصراً غير عادي ضد المملكة التي لديها ممكنات التحول والنصر لو أنها صدقت في علاقتها مع اليمن وقدمت بصدق مواقف واضحة ومحددة تنتصر لإرادة الدين والوطن ورفض التدخلات الخارجية.. لكن, لأن ثمة من يتآمر على المملكة العربية السعودية من داخلها، فإن الأمور اليوم تتجه لتصعيد خطير سيذكره أرباب المملكة ويتذكرون أننا كنا أصدق من قال بالخطر المدمر ووضح أبعاده ومراميه، وسيعرف ساسة المملكة أن تساهلهم قد جعل طهران تتمادى في الزحف الكبير إليهم.. هذا ما يتوقعه اليوم الدارسون لأبعاد المخطط الصفوي ويؤكدون تناميه وقدرته على شق غمار الآتي باتجاه السعودية ما بقيت تدير ظهرها وتتعامل باستهتار ولامبالاة مع المخطط الفارسي اللعين, وحينها تكون الأمور قد أخذت منحى يصعب التراجع عنه وبات مهماً بالنسبة للفرس التقدم صوب المملكة بثقة واطمئنان أن النصر حليف عملائها في اليمن وحليفها, لتحكم قبضتها وتزيل أهم عائق في طريق التشيع وهو السعودية.
وإذاً نحن نؤكد من هنا أن سياسة السعودية مع اليمن لا تقدم نفعاً يذكر إلا التوغل الشيعي الصفوي وأن ما هو واضح جلي أن تكتيك التعامل الساسي مع اليمن يقابله عمل استراتيجي بعيد الرؤية قريب التنفيذ مع عملاء طهران في اليمن.. هكذا نطرح بوضوح وشفافية الواقع بكل أبعاده والخيار للسعودية وللوطن إما أن نكون أو لا نكون, وهو خيار وجودي.. فهل يقوى على فهمه ساسة المملكة؟!.
إبراهيم مجاهد
طهران وذراعها في اليمن 2732