اعلم أن شكواهم لم تكن من البداية قضية قانونية أو حقوقية، بل كانت قضية سياسية بامتياز.

قبل عدة سنوات، حذرتُ من تحويل القضاء إلى ساحة صراع سياسي وأداة لتصفية الحسابات السياسية. اليوم، يرفع 14 قاضيًا شكوى ضدنا لا أساس لها ولا مبررات، فأغلبهم لا أعرفهم ولم ألتقِ بهم أبدًا. أنا مدرك تمامًا أن المواقف السياسية الوطنية لها ثمن، وأحيانًا قد يكون الثمن حياتك، وأنا مستعد لدفع هذا الثمن.

لم تكن هذه المعركة الأولى التي نواجهها في مسيرتنا النضالية. فقد واجهنا ما هو أكبر منها بكثير، وتاريخ مؤسسة الشموع حافل بتاريخ نضالي مشرف نعتز به ونفتخر، خاصة في مواجهة تمرد مليشيات الحوثي منذ أول طلقة في عام 2004 وحتى هذه اللحظة. وحتى نغادر هذه الدنيا، سيبقى موقفنا ثابتًا لا يتزعزع. السبب بسيط: معركتنا مع هؤلاء قائمة على العقيدة، الدين، الكرامة، والحرية. وقد كانت لنا العديد من المواقف المشرفة، وما زالت.

اليوم، نكررها وبالصوت العالي: لن نتراجع عن مواقفنا الثابتة مهما كانت التداعيات أو الضغوطات.

حين كنا في عدن، خُيّرنا بين أن نكون أداة رخيصة لتنفيذ رغبات الآخرين، وبين مصادرة وحرق ممتلكاتنا وتهجيرنا عنوة من عاصمتنا الحبيبة عدن. رفضنا هذا الخيار، وقبلنا بمواجهة التحديات. فكان لهم ما أرادوا؛ أحرقوا وصادروا ممتلكاتنا أمام عيني، وبنادق المجرمين موجهة على رأسي ولم يهتز لي جفن. وبعدها، تم تهجيرنا من العاصمة عدن.

تلك التضحيات كان أساسها إيماننا وعقيدتنا الراسخة.

أقولها وبالصوت العالي: إن هذه القضية لم تعد قضية قانون، فكل قرارات القضاة مخالفة للقانون عمدًا، وليست مجرد اجتهادات. سنكشف عن الكثير من التفاصيل ابتداءً من هذه اللحظة، وسنكشف كل الحقائق التي تثبت أن القضية سياسية بامتياز. لكن المؤسف أن يصبح قضاء مأرب ساحة لهكذا معارك سياسية. ونحن لسنا إلا فاتحة هذا الطريق، والطابور طويل.

سيكتشف المتفرجون أنهم سيكونون الهدف التالي. سيجدون أنفسهم في مواقف أصعب مما نحن فيه من استهداف. سيدركون، كعادتهم، أنهم يسهلون لخصومهم النيل منهم، بسبب سوء تقديرهم للمواقف والأحداث وخذلانهم للآخرين.

اليوم، نوجه خطابنا لكل الأحرار داخل هذا الوطن لاتخاذ مواقف وطنية واضحة، ترفض تحويل القضاء في مأرب إلى ساحة لتصفية الحسابات والمعارك السياسية. لأن حدوث ذلك يعتبر خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الجرحى ومنتسبي الجيش والمقاومة.

لدينا الكثير لنطلع به العالم بأسره، وسنفاجئ الأعداء والأصدقاء على حد سواء.

لم نكن يومًا لقمة سائغة لأحد، ولن نكون. إننا نخوض معاركنا حتى النهاية، مدركين أن حياتنا قد تكون الثمن، ونحن جاهزون لدفعها.

لن نعيش إلا أعزاء ننعم بعدالة القانون، ولن نرضى لأنفسنا أو لغيرنا دون ذلك. فلو كنا سنقبل بالظلم، لقبلناه من دعاة السلالة والطائفية أو من المتحكمين بالعاصمة عدن. ولكن لن نقبله اليوم من الطابور الخامس.