رحلت عن الدنيا وما يزال خيالها ماثلاً أمامي وهي ترفل في أجمل الثياب وترتدي أجمل الحلل وتجلس في أرقى المقايل.. كان لها في الحياة صولات وجولات, لكنها الحقيقة المرة التي لا بد سيتجرعها كل كائن حي, شاء أم أبى, استعد له أم جاءه على غفلة, "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد".. ماتت ورحلت وودعها أعز أحبابها إلى القبر وأهالوا عليها التراب, ثم ولوا راجعين لتستمر الحياة.
آآه يا أم عبدالله ليت شعري كيف كانت اللحظات الأخيرة, وكيف عشتيها, وكيف كان اللقاء بملك الوداع؟, هل كشف الغطاء عن عينيك فرأيت كل شيء على حقيقته "فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد", هل عرفتي حقيقة المال والأهل والولد الذين لم يستطيعوا أن ينفعوك بشيء وسيتركونك في القبر وحيدة فريدة ويعودوا ليتقاسموا ما تركته لهم من متاع زائل؟.. ماذا تتمني وعلى ماذا ندمتي؟, كيف وجدتي القبر؟, وكيف كان السؤال؟, ما الذي نفعك وما الذي أساءك؟, وماذا تودي أن تقولي لنا؟.
روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مشى فاذا هو بقبور, فجاء حتى وقف عليها وقال:( السلام عليكم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة, أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون).. ثم قال:( يا أهل القبور أما الأزواج فقد نكحت وأما الديار فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت, هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟).. ثم التفت إلى أصحابه وقال:( أما إنهم لو تكلموا لقالوا: "إن خير الزاد التقوى").
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين, آنس وحشتهم وارحم غربتهم, وارحمنا اللهم برحمتك إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه.
أحلام القبيلي
يرحمك الله يا أم عبدالله 2003