هذا الشعب ضاقت به السبل, كثر عليه من يريدونه استلاباً وقهراً وعودة إلى الماضي البغيض.. شعب أرهقه صمت حكامه, وكل مسئول فيه ليس مسؤولا عليه, لذلك يبقى في الأسر والإحباط والمعاناة وتقدم الحوثية التي لا تكف عن فعل القتل وبسط النفوذ وإزهاق الأرواح وتشريد البسطاء وفرض الإثنى عشرية بقوة السلاح أو التطهير الطائفي, فيما الآخرون لا يحركون ساكناً ولا يقدرون حتى على كلمة احتجاج, حتى أننا لنظن أن ثمة تواطؤاً محكماً بين المسئولين ومن يرهقون وطناً.
هكذا تبدو الأمور عصية على إيجاد موقف جذري حاسم من القتل والسحل ومن الحوثية التي تزداد تطرفاً وتتبختر مع كل إراقة دم في أجواء كالحة السواد, وهو ما يجعل هذا الشعب يعيش ويلات الحروب والمآسي والأزمات المتتالية والحوار (الدوغما), الذي تأتي محصلته بغي يتكاثر وحوثية تزداد شراسة ورئيس جمهورية مثل (أبي الهول) في صمته, ووزير دفاع كأنه من كوكب المريخ, شئونه ليست من شئون البلد ولا علاقة لما يجري على أرض الواقع من دمار بالقوات المسلحة التي يفترض أن تكون صمام أمان وحارسة وطن.. لكنه تفضيل البقاء في المداراة الجميلة وكل له شأنه, فرئيس الجمهورية ووزير دفاعه معنيان بترتيب أمورهما جيداً، والحوثية لا يمسها ضر إن لم تجد دعماً غير معلن لمزيد من التمدد والبقاء في حرب ضروس ليس لها من مخرجات غير ثارات طويلة وصناعة موت متوالي وانفجار أوضاع.
وبعدئذ نجد حديثاً عن حوار ومخرجات هي الوهم كله، بل إن هذا الحوار المريب قد فتح نافذة واسعة للحوثية, تزداد اتساعاً وتطمح إلى أبعد مما كانت تتصور ولولا الحوار الحالم- الذي يشكل مداراة واقع وترحيل أزمات, ربما تتفاقم أكثر من ذي قبل- لما أعطي الحوثي فرص التطرف وقهر الآخر وإشعال فتيل الفتن, لولا هذا الحوار لما وصل بنا الحال إلى واقع أشد إيلاما من ذي قبل, فيه سيادة رئيس الجمهورية اللاموقف.. وما هكذا تصنع شخصية رجل التاريخ وسيد المرحلة مالم يكن قادراً على اجتراح المعجزات والوقوف بصلابة ضد مخاطر تهدد وطن ووضع حد لقوى تمتلك كل أنواع السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل تصوبه في قلب الحقيقة, في كبد الوطن في قهر هذا الشعب الذي ناضل طويلاً من أجل العزة والكرامة اللتين نجد تفريطاً فيهما من السلطات المختصة وأحزاب الكذبة الرائعة التي لا تنتج غير الوساطة واتساع المخالفات القانونية والتحول إلى منطق القبيلة في التعصب لذاتها ومن في محتواها وتتناسى مهاماً وطنية وما تعهدت به في الثورة الشبابية من حرية وعدالة وانتماء وطني والوفاء للشهداء، لكنه الوضع البليد الذي وجدت نفسها فيه لتخرج من كل هذا الركام من الحوار لتراقب الحوثي وما يفعله في وطن وشعب من دمار واسع النطاق.
ويبقى القول, في محصلة الأمر إن الحوثية اليوم تشكل أزمة وطن حقيقية وإن المستهدف هو تاريخ وانتصارات ثورة سبتمبر وأكتوبر والمستهدف هي القوى الإسلامية الأخرى التي باتت في حالة استلاب غير معقول, تنتظر قضاء الحوثي وقدره فيها وقد أخذ يشرد منها من شرد إلى جانب التقتيل, ومالم تدرك هذه القوى فداحة سلبيتها على نفسها فإنها ستكون في مرمى الاثني عشرية الصفوية دونما تردد وهو ما يشكل بعداً مهما في تمدد الحوثية وهي ترى العائق أمام تطلعاتها الإمامية, هي القوى الإسلامية والقوى الوطنية النضالية وستأتي على هذا على حين غرة.. هكذا تتشعب مفردات الوجع الحوثي على الشعب والوطن.
ومن هنا علينا أن نحفل بالقادم وأن نجد ما يعبر عن إرادة وطن وشعب وأن لا يبقى صاحب الفخامة رئيس الجمهورية ووزير دفاعه ومن لف لفه, في حالة استخذاء لواقع الشيطنة ظناً منهم أن ذلك يساعد على النفوذ وهو ما وقع فيه النظام السابق من خطأ دفع ثمنه عاليا.
وللأخ رئيس الجمهورية نقول: بمقدورك اليوم وليس غداً أن تحزم وتحسم الأمر وأن تكون معبراً عن سيادة وطن يريدك رجل مرحلة مهمة وصانع تاريخ, بمقدورك- والقوى الوطنية كلها معك صادقة الوعد والعهد- أن تجعل على الباغي دائرة السوء وأن تنقذ وطناً من ظلم وقهر وغطرسة الحوثي وأن تحفل بدماء الشهداء وتحقق تطلعات القوى الخيرة ولن تكون وحدك في الميدان, فالكل معك على قلب رجل واحد من أجل سيادة وطن وانتصار شعب للثورة والجمهورية..
هكذا نريدك وهكذا اخترناك ونعول عليك ونجد فيك الظن الحسن.. فهل أنت فاعل ؟؟؟؟؟
إننا ننتظر
المحرر السياسي
تواطؤ يرهق وطن.. 2512