حماقة لا بعدها ترتكبها السعودية والبحرين والإمارات في سحب السفراء من دولة قطر وفي ظرف بالغ الخطورة يزيد هذا التصرُّف الطين بلة ويفتح جبهةً لتحالفات جديدة تغير وجه المنطقة وهو ما تسعى إليه طهران وتبحث عنه بقوة ويقدمها كأمنية طرية لها حلفاء المملكة معصوبي الأعين الذين يمضون قُدماً إلى مصير مجهول من خلال سياسة غير رصينة تمكّن الآخر من الوصول إلى مبتغاه بِيُسر وسهولة.. وإذا ما استمرت سياسة السعودية وحماقة التابعين لها على هذا المنوال فإن الغد مُثقَل بالأزمات و سيحرك دوافع ظاهرة وباطنة في النيل من دول الخليج العربي وقد كثر شاكوها وقل شاكروها وباتت اليوم تشكّل هزيمة تستهدف تركيع الأمة ومن يريد الخروج من واقع الإحباط،وهو ما يعني أن قطر وقد لحقت بمصر واليمن وليبيا وتونس في وضعها تحت مجهر الثلاثي الخليجي (الإمارات, البحرين , السعودية) سيفتح نافذة تحديات كبرى تمس بِضُر السعودية قبل غيرها وتقدّم الخليج لُقمة سائغة لمن يتربصون بخيراته ويسعون إلى بسط نفوذهم والسيطرة عليه وطهران حاضرة بكل ثقلها ولديها ممكنات الهيمنة وقد ساعدها في ذلك الثلاثي الخليجي. ولعلنا هنا نذكّر بما طرحناه سابقا ونبّهنا إلى خطورته منذ وقتٍ مبكر بفعل السياسة العرجاء للسعودية وقد أخذت - فعلاً- تتمادى على تطلعات أمة وهو ما يجعلها أول الخاسرين لا محالة ولن تكون قطر بالموقف المعادي لها بفعل وضوحها تماماً تماماً في نهجها المبدئي إلا الدولة الناضجة التي ستجد من يقف إلى جانبها مؤازرا وداعما لمواقفها التي لا تقبل التحيُّز والمراوغة وقهر الجماهير.وستدرك السعودية ومن معها أنها وقعت في خطاء سياسي فادح لا يقل خطورة عمّا ارتكبه صدام في اجتياح الكويت،وإذا كانت النية هي تفكيك نادي الأغنياء من دول الخليج العربي أو ما يسمى (دول مجلس التعاون الخليجي)ومعاقبة كل من له رأي وسياسة واضحة ويرفض الإملاءات والهيمنة والبقاء أسير سياسة تعادي الشعوب وتبني تحالفات مع أنظمة دكتاتورة , فإن هذا التفكيك وخيم على من يظنون أنفسهم قادرين على العبث بأمن الشعوب وتطلعاتها وربيعها الذي سيبقى مهما طال ليل الخليج على الأحرار.والواقع أن قطر بقوة إرادتها وتصميمها ونهجها المساند لقضايا الأمة هو الذي سيفتح باباً واسعاً لتحالف كبير لا يستبعد أن تكون إيران بثقلها مِن ظمنه ومع الإخوان المسلمين أيضاً وهم قوة لا يُستهان بها على المستوى العالمي وتعجز السعودية وحلفها الذي ظهر جلياً كمناويء للشعوب في تحررها من الوصول إلى هزيمة القوى المنتصرة لإرادتها وحاضرة على امتداد الخارطة الكونية وهو ما يكشف عن أزمة وعيٍ حقيقي بالمتغير العالمي وأزمة قِيَم طالما دعت إليها السعودية وعملت في الاتجاه المعاكس من كل ذلك حتى أنها سبقت الاستعمار الجديد في التآمر على الربيع العربي أو على من يريد بناء عالمٍ أفضل خالٍ من الاستبداد والدكتاتورية.وفي هذا السياق لابد من تذكير دول التحالف المخصص لإشعال فتيل الفتن والأزمات وقهر التطلعات, إن البقاء في سياسة الاستعلاء وتفكيك جبهة الخليج العربي لن يستفيد منه أحد غير أعداء الأمة ومن يريدون لها الهزيمة من الداخل والتي تسير فيها على غير هدى السعودية التي كُنا وما نزال نطمح إلى أن تكون دولة إسلامية ذات معنى كبير تجمع ولا تبدد توحّد ولا تفكك, تنتصر لقضايا الأمة ولا تهزمها في قيمها وتطلعاتها الخيرة.وفي كل الأحوال لم يفت الوقت بعد وثمة ممكن لترميم الخطأ قبل أن يتسع الرقع على الراقع ولدي المحور السعودي الوقت للتراجع عن مواقف تخدم أعداء الأمة وتلحق أكبر الضرر على التحالف السعودي قبل قطر وننبه بقوة إلى مكامن التغيير القادم ما بقي الصلف هو سيد الموقف ولن يكون رد الفعل غير تحالف أكثر اتساعاً وقوة, ربما يهزم غرور الحلف السعودي الذي لا نرجو في كل الأحوال أن يقع فيه أيٌ من الأشقاء لكننا بصدق نوضح ونكشف عن مترتبات ما عمد إليه الحلف السعودي من سحب للسفراء من دولة قطر التي هي اليوم ذات موارد كبيرة لا يضرها خطوة حمقاء قدر ما يمنحها أحقية التحالف مع قوى تزيدها ثقة في التمسك بمبادئها وتدفع عنها ضرر ويُكسبها قوة في توطيد علاقتها مع طهران كبديل لإخوة لا يؤمنون بالحوار ولا الاستقلالية ويرتكبون حماقات ليست هينة ويمسون بضر الأمة وعلى غير هدى أو كتاب مبين.