في الظرف البالغ الصعوبة والتعقيد والخطورة الذي تمر به اليمن وما تعانيه من مؤامرات داخلية وخارجية وما يقوم به البعض من قوى سلطوية في نسف استحقاقات وطن بتحالفات مشبوهة وفقدان المصداقية في التعاطي مع قضايا الوطن من قبل العديد من اللا منتمين إلا لرغباتهم الدفينة ورعونة أحقادهم.. وفي ظل ما نحن فيه من تداعيات جهنمية برزت مكشوفة لكل الشرفاء.. ليس لنا اليوم سوى العمل على تجاوز الإحباط وعتبات القهر والفعل الذي يمس يمننا بضر. وهي تحتاج اليوم إلى قلوب تفقه وآذان واعية وضمائر تشتغل على الحب والصدق وقول الحق والفعل النبيل المستمد عنوانه من الوفاء. فهذا كفيل بإجهاض ما يرغب به أصحاب النوايا الخاسرة ومن سار في جهنميتهم، وليس أفضل- والحال هكذا- من أن تبادر القوى السياسية الوطنية إلى إيجاد صيغة تحالف مشترك يكون فيه الوطن حاضراً في العقل والوجدان والمستقبل هو ركيزة الانطلاق لقهر القوى الظلامية ومن عقد لوائه معها ليصل الوطن إلى معترك جديد لابد من المجيء إليه بفعل الضرورة والحاجة، ولتجنيب اليمن الويلات والشرور والآثام ومن يريدون أن يشفوا غليل صدورهم برؤية القتل والتناحر سيد الموقف كنزوع عدواني ينطلق من تفكير ماضوي متبلد ومن مواقف متحجرة وضيق أفق ورغبات محق البلاد والعباد وبوصلة ثأر في خيالهم المريض تشير إليهم عند كل فرص تبدو لهم ليغتنموها في إبراز عُقدهم النفسية حتى وان استدعى ذلك مساندة القوى الظلامية والوقوف معها باسم الحيادية البشعة وما جاورها من إرباكات ومخططات يعملون على إنضاجها انتقاماً من قوى سياسية. وفي كل الأحوال تثبت الأحداث بكل تداعياتها وخطورتها والوقفات أمامها وتأملها وتمحيصها جيداً, إلى الحاجة الماسة لصياغة المشترك الحقيقي بين القوى السياسية المستندة إلى الوعي بممكنات التحول والى المصداقية والفعل الوطني الخلاق وليس المراوغة والمداهنة حتى تحين الفرصة لإخراج الحقد دفعة واحدة. نقول هذا لكل القوى السياسية النضالية وفي المقدمة "الشعبي العام والإصلاح" وكل من يمتلك المفهوم الحقيقي والقدرة الخلاقة في إنجاز ما هو حضاري بعيداً عن أي صيغ مشبوهة أو تكتيكات أخرى تظهر خلاف ما تبطن.
هذا أمر بات ملحاً الاشتغال عليه لكي تنتصر قيم الحق والخير والجمال وتحقن دماء أبناء المجتمع الواحد ونتجاوز مخلفات الحقد والتآمر ومشاريع التخلف التي تطل برأسها بفعل غياب التحالف الحقيقي بين القوى السياسية القادرة على إنجاز مهام وطنية جليلة؛ اذا ما انتمت للمستقبل وآمنت بالديمقراطية والتعددية السياسية واستطاعت أن تشكل وعياً متقدماً يتقزم فيه من يراهنون على التفكك بين القوى الوطنية ليطلوا بخبثهم ويفعلون في اليمن بذور الفتن والتطاحن. والواقع أن الأحداث التي جرت وتشكل خطراً مدمراً على البلاد والعباد, تدعو اليوم كل ذي عقل رشيد وانتماء وطني إلى الدفع بالقوى السياسية النضالية للعمل المشترك وتجاوز أي خلافات استفاد منها أعداء الوطن وأصحاب التربص حتى تحين الفرص. هكذا نحن نرى إلى القادم أن صمام الأمان فيه هو إيجاد صيغة تعايش وشراكة وطنية في البناء والتقدم لنصل إلى ما نطمح إليه دونما مواربة وإقصاء لأي طرف ودونما البقاء في مستنقع القديم ومكايدة الآخر كما كشفته الأحداث وبرهنت عليه الأيام وقدمت كل طرف سياسي على حقيقته وما يعتمل في أعماقه من مكونات بائسة استغلتها أطراف الانتصارات الوهمية حين قدمت نفسها بغباء سياسي في مؤامرات الفرصة السانحة لتقع بين هلالين مجرد قوى انتهازية سافرة .على هذا الأساس لابد للقوى الوطنية الفاعلة والقادرة على تجاوز السلبي أن تعيد وتراجع مواقفها وان تقف على الأرضية التي كانت عليها في مهام البناء الوطني وتبحث عن فرص التطلع إلى الأمام وان لا تلتفت إلى دعاة الماضي ومن يركبون أمواجه ويتشفون في وطن لا لشيء سوى انهم قوى متقوقعة ومنهزمة على المستوى النفسي مهما حاولت أن تجد ذاتها.. وفي كل الأحوال فإن التحولات الكبرى مبنية على الدوام من عوامل النهوض القوية ومن الإرادة الخلاقة ومن الوعي الوطني المنتمي إلى روح الأرض وإلى مسيرة الوطن الثورية المظفرة.
ضمن هذا السياق يغدو مُهِمّاً تقويم التجربة بموضوعية ومصداقية وروح ناقدة متفحصة, فهي الكفيلة بخلق مناخات وئام وتناغم سياسي وتجربة أكثر فاعلية وحيوية إن ادركت القوى السياسية أهمية العمل المشترك الذي يستلهم كل معاني النضال الوطني في لحظات فارقة بين مكبوت مدمر وتحاف أهوج وبين من يريدون الوطن انتصاراً وتحولات مصيرية وبناء وعمل. بهذا المعني يقدر الشرفاء على تخطي الصعب واستنهاض الهمم ووضع كل مفردة في إطارها الصحيح وكل من يظن انه قد استطاع أن يكون انتهازياً سيجفل حتماً لأنه انساق إلى مواضع الفشل الحقيقي..
وفي الأخير: إن صياغة معنى ما لتحالف يقوم على الشراكة الوطنية بين مكونات العمل السياسي افضل بما لا يقاس من أن تراق قطرة دم يتبعها صدور تتشفى بها وتظهر الخبث بالبقاء على طرفي حياد لعرقلة وطن, لذلك كله, التحالف الأجد والأكثر مسؤولية هو الكفيل بخلق وطن العدالة والحرية والمستقبل الأفضل. ونحن مع هذا ننتظر!.
المحرر السياسي
كي تنتصر قيم الحق والخير 3631