تبقى المبادرة الخليجية هي لب العملية السياسية والمرجعية لتحولات وطنية استضاءها الجميع واشتغلت عليها كل المكونات السياسية وأي خروج عنها إنما هو نسفٌ حقيقيٌ لكل الجهود التي بذلتها القوى النضالية بما يعني العودة بالوطن إلى نقطة الصفر وإدخاله في أزمات جديدة وفتح نوافذ رياح للقوى الخارجية لتصل إلى مبتغاها في تفتيت البلاد والجماهير وخلق اضطرابات ورياح لا تُبقي ولا تذر، وهنا التفكير الرشيد الذي يجب أن يدرك معنى الخروج عن المبادرة الخليجية والدخول في مساومات تقضي على كل بارقة أمل في عملية البناء والتقدم والشراكة الاجتماعية وما نؤكد عليه هنا هو أن رئاسة الجمهورية وهي المنصب السيادي الأول معنية تماماً بالعمل وفق المبادرة الخليجية بوتيرة أسرع, فهي التي أكسبت رئاسة الدولة الشرعية التوافقية ومالم تنطلق من هذه المرجعية فإن ثمة شرعية مفقودة وهو ما تعيره الجماعة المسلحة كل اهتمام للوصول إلى أن لا بديل إلا مشروعها المقدَّم باسم ثورة على الثورة وعلى الجهود الدولية والتصالح الوطني, وبالتأكيد فإن أي اتفاق يتم خارج المنصوص عليه في المبادرة يفتح شهية قوى أخرى للعنف لتصل إلى مآربها ويقدم لأي جماعة مسلحة لأن تنتهج العنف وترفض الحوار وتشكل مرجعية خاصةً بها بما يزيد من الانقسام المجتمعي والدخول في صراعات لا تنتهي بعد أن يُستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير .. من هنا لا بد من القول لكل ألوان الطيف السياسي والقوى الوطنية الحقة أن تبقى في ذات المرجعية حريصة على تنفيذها وعلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المنبثق عنها حتى لا نجد من يفتح عناوين أخرى تستهدف حياتنا بأسرها ومهما كانت الصعوبات على ذات المرجعية فذلك أفضل بما لا يُقاس بنسفها ببديل يحقق تطلعات فئة أو جماعات مسلحة من دون غيرها ويُفقِد أي عملية بناء حضورها الحيوي في سبيل تطلعات فئوية تحصر الوطن وقضاياه في التنمية وحقوق الإنسان حكراً عليها, وهو أول ما يجب علينا لزاماً أن نؤكده وبقوة ليعم الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي بما لدى الكل من وثيقة تاريخية لا ينبغي خدشها أو شطبها بأي حال من الأحوال وإلا فما تم عمله أو إنجازه في الحوار الوطني ليس سوى سراب بقيعة وقد تم الركون إلى ملاذ إلى حين يتم الركون إلى مناطق نفوذ أخرى وإلى العنف يستخدم في الوصول إلى تجزئة وطن وتمزيق الذات اليمنية بمجرد الوصول إلى اتفاق آخر ليس من المبادرة في شيء, من أجل ذلك نؤكد أن الوطن وعملية تحولاته المنتظرة أمانة في أعناق جميع القوى النظامية التي عليها أن تقف بصلابة في خندق الدفاع عن ضرورة تطبيق كامل للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ورفض ما عدا ذلك باعتباره خروجاً عن الإجماع الوطني والأممي، هذا ما نحن اليوم في ظل استهداف اللحمة الوطنية ووضع عراقيل أمام ما هو مصيري ويعبِّر عن إرادة شعب وتوق وطن وأحلام ثورة ومهما وُضِعت ولو شروطاً لا تُذكَر وهي ليست من المبادرة الخليجية ولم يتم الاتفاق عليها أو استحضارها فلا تعني في غير نفس المبادرة والشرعية الرئاسية ومخرجات الحوار الوطني وخروجاً على إجماع كامل.. هذا ما يجب التيقُّظ له والعمل من أجله لنرى أن القادم معبراً عن كل اليمانيين وعن ثورة قدمت أنبل البشر من أجل حياة عزة وكرامة وغد أفضل.
المحرر السياسي
المبادرة الخليجية 4962