انسداد غير مسبوق وصلت إليه البلاد المتخمة بالجراحات، وهذا التشظي الكبير، والوقوع في مصيدة انحراف التحالف عن أهدافه والمعد لخلخلة الوطن، وإفقاده القرار السياسي والسيادي.. ولعل أربعة أشهر من عمر مجلس القيادة دليل واضح على مدى استلابه روح المبادرة والفعل واتخاذ القرار السليم .
لقد تحول إلى مجرد أداة للإقصاء وشرعنة المليشيات وفقاً لرغبة التحالف ليس أكثر من هذا.
وإذاً نحن أمام تداعيات خطيرة جداً على مستقبل البلاد كلها، ولم يعد ثمة رهان على مجلس القيادة - ينتصر للمليشيات على حساب جيش الدولة - ولا على حكومة أو طبقة سياسية حاكمة قبلت أن تكون مستلبة الإرادة .
وهنا علينا أن ندق ناقوس الخطر للمنظمات الجماهيرية والتعددية السياسية والحزبية وقوى النضال الوطني. علها تخرج من بياتها الشتوي، وتنجز شيئاً يستحق أن يكون معبراً عن وطن يتطلع للسيادة والاستقلال والتحرر من المليشيات واستعادة دولته وعاصمته (صنعاء) وتطبيع الحياة المدنية.
فهي التي ربما بوسعها أن تخلق حراكاً جماهيرياً فاعلاً وتعبر عن آمال شعب، وهي من يمتلك الفاعلية الديمقراطية لترفع صوتها أمام تصدعات خطيرة وانهيار يصل حتى الدمار بفعل حماقات الحكام وأصحاب النفوذ الذين تحولوا إلى مجرد جواد خاسر لكل من راهن عليهم .
اليوم ما نحن بحاجة إليه والوطن يريده، هو خلق صحوة مجتمعية واسعة وفاعلة قادرة على كبح جماح هذا الانهيار الشامل، أو على الأقل ترميم ما تقدر عليه حتى يستعيد الوطن عافيته. وليس سوى المنظمات والاتحادات الجماهيرية والفعاليات السياسية والحزبية والوجاهات الاجتماعية إن لم يكن قد استلبت هي الأخرى من قبل التحالف.
وما نظنها إلا تحمل أمانة وعهداً في تحمل المسؤولية واتخاذ المواقف التي يجب الحيلولة دونما تمرير مخططات جهنمية غايتها إبقاء اليمن غنيمة وفيداً لمن قالوا ووعدوا بعودة الشرعية وإنهاء الانقلاب، حتى إذا ما حصحص الحق وجدناهم وقد صنعوا مليشيات متعددة وانقلابيين أكثر من السابق، وانفصاليين يستهدفون اللُحمة الوطنية، ووجدنا الجيش الوطني يتعرض لأخطر مؤامرة عرفها التاريخ بمحاولة الإجهاز عليه وإدخاله في صراعات ليست هي التي تسترد وطناً، وإنما تزيد الفجوة اتساعاً بين الوطن والإنسان والمستقبل، حتى إنه يصعب تجسيرها لتبقى الإرادة الوطنية مغيبة وغير فاعلة، لتتحقق أهداف أخرى تمنح الحوثية ومشروعه الفارسي مسببات البقاء، وإلا ماذا يعني تجويع الشعب وترك الاقتصاد ينهار والسيطرة على المنافذ البحرية والجوية وعدم الالتزام بكل التعهدات لإنقاذ الاقتصاد ومنع انهيار العملة وأكذوبة الوديعة التي من أجلها أطاحوا برأس الدولة؟!
وماذا يعني قطع المرتبات لأشهر على الجيش الوطني، وحصار بلد في ثرواته واقتصاده وانهيار متعمد للعملة الوطنية.؟!
ماذا يعني هذا إن لم يكن أحد أهم الأهداف تقويض المجتمع وتفكيكه وجعله خانعاً ذليلاً لإرادة دول التحالف التي افتقدت المسؤولية والوفاء بالتزاماتها وتعهداتها ولكي تملي على الدولة ما تراه يحقق أهدافاً خارج مسار المتفق عليه (استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي) وحتماً طالما أنها لا تخدم استعادة العاصمة صنعاء فإنها ليست وطنية.
لذا، فهي المسؤول الأول لما يتعرض له الشعب من حصار وتدمير ممنهج للدولة .
ووفقاً للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، فإن التحالف يتحمل كامل المسؤولية عما يحدث من إفقار شامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فهو المسيطر على كل شيء ، وليس بعد هذا سوى أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والقوى الوطنية والنضالية بواجبها الذي يمليه عليها ضميرها الديني والوطني، وأن تخرج إلى كل الميادين والساحات وإلى مستوى الفعل الخلاق في رفض هذا الانهيار ومن يقف وراءه، والعمل بروح جماعية في إنجاز ما يستحق التضحية من أجله، والعمل على خلق قيادة من الوسط المجتمعي، من ركام المعاناة، من واقع يجب تغييره، ومن إرادة مجتمعية جماهيرية واعية بالقضية الوطنية وأولويات العمل المشترك لخلق مقاومة واسعة تنجز مهام التحدي والوقوف بصلابة أمام أعداء الوطن في الداخل والخارج .
والحقيقة، لقد افتقد الوطن القيادة التي تنتمي للثورة والجمهورية والوحدة، وتأسست قوى بفعل تدخلات خارجية تصب في تحقيق أطماع الخارج وليس لها أكثر من التوقيع على البياض.. المعول إذاً على اللُحمة الجماهيرية والاصطفاف الوطني الأوسع. تتصدر من أجل العمل على خلقه واقعاً. المنظمات والاتحادات والنقابات الجماهيرية والتعددية السياسية والحزبية وما بقي فيها من نسف انتماء وطني يجب أن تحييه وتبعث فيه روح المقاومة في وجه كل مؤامرات الداخل والخارج. فالوطن في مهب الريح تتقاسمه قوى لا منتمية، وتفعل فيه دول خارجية ما يحقق أهدافها البشعة على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي. وإزاء هذا الاحتمال الجهنمي البشع لابد من مواقف حازمة، وعزم لا يلين ورؤية وطنية تنتصر للمستقبل وللإنسان الذي تكالبت عليه الظروف والأعداء من الداخل والخارج والوطن الذي صار نهباً للسباع .
إننا من واقع تفرضه التحديات والمواجهات نناشد أصحاب الضمائر الحية ومن لديهم تأثير على محيطهم وقادرين على اتخاذ مواقف تناهض الأطماع والمشروع الحوثي الفارسي وأطماع الخارج وما يفرضه من واقع مؤلم، أن يستجيبوا لنداء الضمير ويوحدون صفوفهم ويشتغلون على الوطني بقوة فهم الأقدر على الدفع بالنضال إلى مرحلة متقدمة، وتجاوز السلبي إذا ما أخلصوا النوايا ورفضوا المغريات وانتصروا للوطن .
نعوّل عليهم بما يمتلكونه من قدرة على التأثير، وبما لديهم من إمكانيات تُمكّنهم من أن يستنهضوا الهمم للدفاع عن الثورة والجمهورية ولتحقيق النصر الناجز على مليشيات إيران الحوثية فذاك هدفنا المقدس الذي تعيق تحقيقه دول التحالف من خلال إضعاف الدولة الشرعية وجيشها الوطني واستبدالها بشرعنة المليشيات .
نقول ذلك ونحن نثق أن الله فوق الغادر المتجبر.. وعاش الوطن اليمني حراً مستقلاً بسيادة وطنية حقيقية ينتزعها الأحرار الشرفاء من مخالب الأعداء في الداخل والخارج .
النصر لنا .. صنعاء قبلتنا وسننتزعها من المحتلين الفرس طال الزمن أو قصر .