علينا أن نعترف بأن ممكنات التحالف في تغيير المعادلة القائمة اليوم مع الحوثيين، ممكنة جدًا. فالأشقاء في المملكة العربية السعودية لديهم من القدرات والإمكانات المادية والعسكرية، ما يحقق العصي على الحل ويحسم وبقوة في الإجهاز على خيارات الحوثيين في سعيهم لشرعنة انقلابهم وجعله واقعاً مفروضًا.
• علينا أن نُقر بأن انتصار الشرعية هو انتصار على خطر حوثي إيراني يهدد دول المنطقة، ولديه ممكنات الإرهاب على المنافذ البحرية وخطوط الملاحة.
وإذاً فإننا أمام معادلة صعبة وسهلة في آن واحد, صعبة كخيار في البحث عن حلول وفق اشتراطات الحوثية، وسهلة في ممكنات الحسم والانتصار الناجز والسريع في إنهاء الانقلاب وعودة الشرعية وفقًا لمقدرات وممكنات التحالف غير العادية.
• في هذا السياق يغدو الحوار هنا شرعنة للانقلابيين واعترافاً خطيراً بهم يمكّنهم من معاودة الاعتداء ثانية على الأشقاء حينما يأخذون استراحة محارب ويتمكنون من جاهزية أكثر في القوة والعتاد العسكري.
• الأخطر أن ينتصر الحوثي بقوة في وضع اشتراطاته وتنفيذها دون أن يقدم أي تنازلات على صعيد الواقع، وأن تبقى الشرعية في منأى عن هذا الحوار لا تفقه سيره ولا معناه ولا إلى أين وصل ولا ما هي الخيارات الأخرى إذا ما تمادت الحوثية.
• الأشقاء هنا معنيون تماماً بتمكين الشرعية من وضع حلول واشتراطات وحوار حقيقي يستهدف القضاء على الانقلاب والإرهاب في آن واحد.
الشرعية التي يجب أن تكون جاهزة وحاضرة وفاعلة في رسم معالم الحوار ومدركة إلى أين يؤدي.
دور الأشقاء الحلفاء في هذا الجانب هو الدفع بقوة للشرعية ومؤازرتها وجعلها قوة يحسب لها في التحاور وفي فرض شروط سلام حقيقية من موقع قوة.
• وبالتأكيد يدرك الإخوة في المملكة أن التفريط في الشرعية هو إفساح مجال للحوثية أن تمتلك الجغرافيا والفعل القوي على الخارطة اليمنية وما بعد اليمنية، لاسيما وأننا أمام انقلابيين ينطلقون من قناعات أيديولوجية ومعتقد راسخ بأنهم الأجدر والأحق في السلطة على مستوى اليمن والجزيرة.
• هذا أمر لا نقاش فيه لمن يقرأ معتقدهم وملازمهم، وما يسعون إلى ترسيخه في الذاكرة اليمنية. ولطالما كنا السباقين في مؤسسة الشموع ومنذ بداية النزاع. من الحرب الأولى مع الحوثيين ونحن نكشف أوراقهم ومخططهم وألاعيبهم وما يسعون إليه ولقد أثبتت الأحداث المتعاقبة صحة ما ذهبنا إليه.
• اليوم نحن نؤكد أن حوار التحالف منفرداً ودون إشراك الشرعية هو خطر حقيقي يؤكد مشروعية الانقلابي ويمكنه من الاستقواء ويمنحه مشروعية التنصل عن أي اتفاقات تتم لنقلة أخرى كما هي عادته. وإذاً لصالح من يتم إقصاء الشرعية من الحوار؟
ولماذا يمنح الحوثيون كل هذا الحق في تنفيذ شروطهم دون تقديمهم أي تنازلات؟
• الواقع أننا أمام قادم لا يسُر وأن المتغير يرفد الحوثي بما كان لا يتوقعه ويزيده غلواً وتطرفاً، ويجعل من الآخرين يصلون إلى حالة يأس وهم يرون كل ما يريده الحوثي يتم القبول به ولربما ينخرط الكثير في صفوف الإرهابيين حتى من الداخل المسيطر عليه الحوثي.
• وإنه من المعيب على الإخوة في التحالف أن يتم إقصاء الشرعية والنأي بها عن طاولة المفاوضات وجعل الحوثية هي الجديرة بالتوافق وتنفيذ اشتراطاتها بما يعكس صورة مؤلمة وحزينة ترقى إلى مستوى الهزيمة للتحالف، وهو لا يعمل من أجل عودة الشرعية وإنهاء الانقلاب كخطوط عريضة بها ومن أجلها تشكل التحالف.
• إن مغايرة هذا التشكل ببديل آخر يقصي الشرعية يعني في المقام الأول بطلان أي توافقات تتم خارج الشرعية المعنية أولاً وأخيراً بإنهاء الانقلاب، والذي جاء على أساسه التحالف والتوافق مع الشرعية في هذا الجانب تحديداً والخروج عنه إلى ما سواه إنما هو ضرب من المغامرة والطيش وتمكين الحوثية على الوطن في السيطرة التي تجر إلى ما بعدها.
• ونحن هنا نسأل الأشقاء في المملكة: هل ما زال ثمَّة تحالف يحسب له ويفسح له في طاولة الحوار كعنصر رئيس هو من يقول لا كما يقول نعم وقتما يرى ذلك؟
أم أنه قد جرى إبعاده ليكون الانقلاب انقلابين أولاً حوثي على الشرعية وثانيًا انقلاب التحالف عن الأهداف التي رسمت مع الشرعية في إنهاء الانقلاب الحوثي وعودة الشرعية.
• المسألة خطيرة جداً ما لم يدركها إخوتنا في التحالف ويعودون بالأمور إلى سياقها الطبيعي، وإلى توافقات تمت معهم في حينه وبمقدورهم ذلك ولديهم ممكنات تغيير المعادلة والانتصار للشرعية ودحر الانقلابيين.
• علينا أن ندرك البعد الخطير في مسار الأحداث والتحولات والتداعيات التي تتم، وما سيعقبها من انفجار على مستوى جغرافيا المنطقة. أن التحالف وهو يشتغل على الساحة تاركًا الشرعية في منأى عن التطورات والمفاوضات يجعل القادم قاتمًا وأن ما سيسفر من توافق خارج ما هو سياق حقيقي إنما هو مغامرة تصل إلى حد الانقلاب على الشرعية من جميع الأطراف، علينا أن نقر ونعترف أن إزاحة القوى الوطنية الصادقة الوعد والعهد هو إفساح مجال للانقلابيين وزعزعة لأمن المنطقة وتمكين الإرهاب من معاودة الحروب التي دأب عليها، ولا يقبل بغير هذا السير والمسيرة التي لا تقف عند مرتكز غير السيطرة على جغرافيا المنطقة.
• الأشقاء معنيون إذاً بالتلاحم والتوافق والتعاضد مع الشرعية، درءاً لقادم مخيف ويمكنهم أن يقدموا نموذجًا حسنًا في الاحترام المتبادل وفق مصالح مشتركة تكفل للجميع حق التعايش والجوار والأخوة والمصالح المشتركة.
• هذا أمر واضح والشرعية تتعهد به وتجعله هدفًا رئيسًا بعد الانتصار على المشروع الانقلابي الإرهابي. فهل يسعى التحالف كإخوة, لهم ما لنا وعليهم ما علينا, إلى وضع الأمور في نصابها دونما تعقيدات وتحولات خارج نطاق الهدف المرسوم معهم؟
أم أن ثمًّة مغايرة تشكل في أحد أهم تداعياتها انهيار السلام ليس في اليمن فقط وإنما في المنطقة التي ستبقى في حالة إرهاب حقيقي، إذا انتصر الحوثي بشروطه وحقق أول أهدافه في تمكينه كقوة وسلطة وثروة على الأرض. وحينئذ لا يمكننا القول سوى ما قاله الشاعر:
أرى تحت الرمادِ وميضَ نارٍ ويوشكُ أن يكونَ لها ضرامُ
ولله الأمر من قبل ومن بعد.