بقلم: جاسون هرويتز ترجمة/ أخبار اليوم
الربيع العربي دمر جو الصيف على عبدالوهاب عبدالله الحجري -السفير اليمني لدى الولايات المتحدة والدبلوماسي المحبوب في حيه السكني بواشنطن، حيث يقول: "بطبيعة الحال أنا كنت أخطط لقضاء الإجازة هذا الصيف، وبطبيعة الحال أيضاً الآن لم يعد ذلك ممكناً".
لقد تعقدت الحياة بالنسبة للحجري، فصهره الرئيس اليمني السلطوي/ علي عبدالله صالح هو في السعودية يتلقى العلاج من حروق شديدة لحقت به في هجوم على القصر الرئاسي.
الآن ترسل إدارة أوباما طائرات بدون طيار تشغلها وكالة المخابرات المركزية لتوجيه ضربات محتملة ضد نشطاء القاعدة المشتبه فيهم، بينما القبائل القوية والناشطون المؤيدون للديمقراطية وقوات الحكومة المترنحة يقتتلون لملئ الفراغ في السلطة.
* عميد الدبلوماسية:
وبالمقاييس اليمنية الهجوم على المدمرة الأميركية كول والانتحاري بالملابس الداخلية وإطلاق النار في قاعدة فورت هود والطرود المفخخة ...إلخ، هذه أمور كثيرة ثم تناولها مع الرجل الذي أطلقت عليه مجلة التايم العام الماضي اسم "عميد الدبلوماسية".
يقول الحجري: "أعرف أن الأميركيين يعتقدون أن الذين يعملون في اليمن هم في وضع صعب وأعتقد أن العمل هنا هو أيضاً مشقة أخرى بسبب التعقيد الموجود في اليمن".
دائماً ما يبذل الحجري قصارى جهده للتخفيف من هذه المشقة. وفي حين أن غيره من السفراء الشرق أوسطيين قد استقالوا احتجاجاً على القمع العنيف من قبل حكوماتهم، فإن الحجري يصر على أنه -على الأقل في الوقت الراهن- سيبقى في مكانه.
السفير الحجري -52 عاماً- تحدث إلينا في الأسبوع الماضي بمبنى السفارة اليمنية بواشنطن، وهو بناء فخم مبنى بالطوب وهو جالس على أريكة من الجلد وسكب ماء ساخن على الشاي الصيني الذي تفتح كالزهور داخل الكوب، وعلى أرجاء الغرفة صور السفير مع الرؤساء بيل كلينتون وجورج بوش وأوباما وصالح المتزوج بأخت الحجري.
* حين ذهب الحجري لأميركا طالباً وعاد لها دبلوماسياً:
أول قدوم للحجري وهو ابن رئيس وزراء وسفير سابق -إلى واشنطن كان في عام 1986 كملحق ثقافي وطالب في الجامعة الأميركية، في عام 1995 عاد إلى واشنطن كمسؤول دبلوماسي رفيع المستوى وصار سفيرا في واشنطن في عام 1997م منذ ذلك الحين، اندمج أولاده الثلاثة في الولايات المتحدة وأصبح لاعباً أساسياً في الدوائر الاجتماعية في المدينة.
تحدث عن موطنه الجديد بابتهاج قائلاً: "يمكنك أن تزين الحياة التي تريدها هنا، فإذا أردت أن تكون مشغولا، يمكنك أن تكون مشغولا، وإذا كنت تريد أن تكون هادئ، يمكنك أن تكون هادئ، إنه مزيج من الحياة في الضواحي وكذلك الحياة في المدينة. إنها بالفعل مدينة مثالية".
لديه صداقات كثيرة هنا، ويتفاخر بأنه المكان الوحيد الذي يتناسب معهم جميعاً، ويقول: "قد يكون لديك غرفة لـ2000 و3000 شخص أنا لا أمزح".
أحد الأمور النموذجية حدثت في أكتوبر 2009م عندما أقام الحجري مأدبة عشاء وحفلة رقص على شرف جي دي غوردون الذي كان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، حوالي 300 شخص، من بينهم أكثر من "60" صحفياً ومنتجاً تلفزيونياً، استمتعوا باللحوم والحلويات التقليدية اليمنية قبل التوجه إلى الطابق السفلي من منزله للرقص.
باهتمامه بازدحام المكان الذي ظل كذلك حتى بزوغ الفجر، فإن مثل هذا لا يحدث في بلاده، وقد رفض مناقشة التفاصيل، ويقول: "المشكلة هي أن ما قد يبدو مثيراً للاهتمام هنا لا يبدو مثيراً في اليمن".
وحتى قبل الأزمة الحالية، لم تكن اليمن دولة مزدهرة، والتناقض بين منزل السفير حيث يعيش لوحده وبين معيار المعيشة في بلاده لا تمر دائما مرور الكرام ويلاحظها معظم ضيوفه. الحجري لا يبالي بهذه المقارنة.
يقول الحجري: "يفهم الناس خصوصاً هنا أن المكتب والمنزل الجيد هما مهمان بالنسبة لك كدبلوماسي، المنزل ليس ملكي، إنه للحكومة لأي حكومة قد تأتي".
ويضيف بأن كل ما يجري في اليمن يدعو للقلق.
في 8 مارس، اجتمع الحجري مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لمناقشة الوضع المتدهور في اليمن، لم يكن جميع زملائه قد تأثروا بالوضع، في مارس استقال عبدالله الصايدي -سفير اليمن لدى الأمم المتحدة- احتجاجاً على مقتل العشرات من المتظاهرين على يد قناصة مواليين لصالح.
* الصايدي: الحجري في صراع أخلاقي ومتألم مما يجري في اليمن:
يقول الصايدي إن الحجري "في صراع أخلاقي ومتألم مما يجري في اليمن"، وقال إنه يعرف بكل تأكيد من خلال أحاديثه مع الحجري قبل وبعد تركه لمنصبه في الأمم المتحدة وانتقاله إلى معهد السلام الدولي في نيويورك أن الحجري "متعاطف" مع اعتراضات زميله السابق ومع الإصلاح الحقيقي المطلوب.
وأوضح الصايدي أن وضع الحجري أكثر تعقيداً، حيث قال "عليك أن تفهم أنه ثقافياً مرتبط بالعائلة والرئيس"، العرف الاجتماعي في الشرق الأوسط يقول إنه حتى لو أخوك كان على خطأ، فعليك أن تدافع عنه، وحتى الآن هو أكثر التزاماً أخلاقياً بعدم التحدث علناً ضد الرئيس، لأن من شأن ذلك في بلادنا أن تكون سيئة وسيئة جداً، لأن الانطباع السائد هو أن صالح هو الآن في انحدار".
* الحجري لا يعلق على طائرات بدون طيار:
كدبلوماسي محنك أجاب الحجري على الأسئلة حول احتمال استقالته قائلاً: "لدي ثقة في الرئيس"، وقال إنه لا يشعر بالقلق من مطالب المعارضة بمحاكمة صالح وعائلته.
بخبرته كان الحجري مبهماً في كل القضايا المتصلة بخدمته لصالح واليمن، كما رفض فكرة أن إدارة أوباما لا تريد عودة صالح إلى السلطة،.. وعندما سألته عن الطائرات بدون طيار والطائرات المقاتلة التي تشن هجمات ضد المتطرفين في بلاده، قال الحجري: "نحن لا نعلق على مثل هذه الأشياء"، وقال إن اليمن "سيتم حفظها".
* الرئيس ليس لديه نية لخلق العنف:
ظهر تصدع سريع في رباطة الجأش الدبلوماسية للحجري عند الإشارة إلى الموالين لصالح الذين قتلوا المتظاهرين، الحجري: "أعتقد أن هذه المقابلة مخصصة للحديث عني".
قالها بحذر، طلبت منه فقط توضيح مشاعره إزاء عمليات القتل، فقال: "اسمع، أنا أعلم أن الرئيس ليس لديه نية لخلق العنف، لقد كان دائماً مع السلم ومن لم الجميع معاً، لا أعتقد أن له علاقة بذلك، لا أعتقد أنه يريد القيام بأي ضرر لأحد، العنف يحدث وله ظروفه".
* الحي السكني في واشنطن يرفضون تخيل العاصمة من دون الحجري:
أوضحت إدارة أوباما بأنها تريد من الحكومة اليمنية أن تجري انتقالاً سلساً للسلطة، بينما صالح هو في السعودية، ويرفض الحجري التعليل حول احتمال أن الرئيس صالح ونمط حياته المترفة ((يقصد حياة الحجري)) لن يعودا، كما أن المقيمين في الحي السكني في العاصمة يرفضون تخيل واشنطن من دون الحجري.
فعلى الرغم من السيرة الاجتماعية العالية التي حققها الحجري هنا، فإنه يسعى للمضي قدماً، يقول الصايدي إن الحجري كان لسنوات يحاول المغادرة "وحاول ذات مرة إقناعي بأن أوافق على القدوم إلى واشنطن وأحل محله".
وقد اعترف الحجري بجهوده لمغادرة مدينته المفضلة، وقال: "أحب مكاني هنا، لقد كانت تجربة حياة متغيرة، فهنا الجميع يحبون تغيير وظائفهم بالكامل".
ونظراً للوضع في اليمن، فالسفير الحجري قد تكون له وظيفة بديلة في المستقبل القريب.
والسؤال هو ما إذا كان يمكن أن يظل براقاً بغير ارتباطه بنظام وعائلة ينتقمون من شعبهم.
المؤشرات الأخيرة ليست واعدة، قبل عدة أسابيع قليلة، بعد استقالة الصايدي من منصبه احتجاجاً على ذلك، طلب الحجري من صديقه العجوز اللقاء به في نيويورك لتناول الغداء، لكن طلبه قُوبل برد متعلق بقراره السابق.
عندما لم يبال الحجري بهذا الرفض المزدري، أخذته إحدى المساعدات إلى غرفة الجلوس، ثم عادت وقالت للسفير الحجري: "آسفة، سائقك موجود في الطابق السفلي".
* نقلاً عن صحيفة واشنطن بوست الأميركية
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
الربيع العربي يفسد الصيف على دبلوماسي يمني 6708