كان الآباء والأجداد يتسامرون مع أبنائهم وأحفادهم على قصص بطولاتهم وحكايا انتصاراتهم العظيمة على عدوٍ استباح أرضهم وسرق خيراتهم، عدو أجنبي جاء من خلف البحار والمحيطات ليستوطن البلاد ويستعبد العباد، فقاتلوه ببندقية بسيطة وقوة إيمان جبارة وانتصروا عليه برغم بساطة سلاحهم وقوة وجبروت سلاح العدو، فكانوا فرساناً بحق، استطاعوا تطهير أراضيهم من دنس عدو غاشم معتدي.
اليوم اختلفت الحكاية وتبدلت الصورة وحين يكبر أطفالنا سنحكي لهم كيف أن حكامنا، أبناء جلدتنا من يفترض بهم حماية الأرض والعرض تحولوا إلى مستعمرين، ينهبون خير الوطن لأنفسهم ويبيعون الأرض للغرباء؟، سنحكي لهم كيف أن رئيساً قاتل شعبه بسلاح استلب ثمنه من قوت الأطفال وخبز الجوعى.
سنحكي لأطفالنا كيف أننا خرجنا ننشد فقط حرية وعيشة رضية بطرق سلمية وبأيدٍ لا تحمل سوى حلماً ووردة، أردنا أن نزرعها في قلوب تصحرت أرضها وغدت تربتها قاحلة غير صالحة لحب البشرية!!.
سنحكي لأبنائنا كيف أن مئات الشباب ماتوا وهم لم ينعموا بعد ولم تر أحلامهم النور، عاشوا مطحونين، محرمة عليهم الأحلام وماتوا حرقاً بنار من يفترض بهم أن يكونوا هم صانعي الأحلام وزارعي الأمنيات للناس البسطاء الذين لا يرجون ملكاً ولا سلطة، لكن كل أملهم كان أن يحيوا حياة إنسانية.
سنحكي لأطفالنا غداً عن فارس لم يمتطي جواداً ولم يحمل بيده سيفاً ليقاتل به في سبيل الله ناصراً دينه ومطهراً أرضه من عبادة الأوثان إنما هو فارس يرتدي بدلة جينز ويقود طائرة صناعة أميركية استحل بها أرضنا وقتل من لا يروق له بتهم، بدون أدلة وحين أردنا أن نعترض لم نستطع إلا أن نصفق له لكي يعود وينقذنا من حاكم يأبى إلا أن يدمر كل شي بغباء وحقد لأنه يدرك انه راحل مهما طالت القضية.
جاء الفارس الأميركي وقتل المستعمر العربي وانقذ الناس، لكن ليس حباً فيهم، بل ليستعمرهم هو بطريقة عصرية تحت ألف غطاء.
سنحكي لأطفالنا كيف أن فرسان العرب لم يتربوا في الصحراء ولم يشربوا حليب الإبل، لكنهم ترعرعوا في بلاط البيت الأسود ونمت عضلاتهم من دجاج الكنتاكي وحليب مستورد ولن نكون، حينها فخورين بانجازاتنا وبطولاتنا، لأن الصورة ستبدو مشوهة بألوان أميركية.
ساستنا من صنع أميركا وانتصاراتنا بفضل من أميركا وفرساننا مازالوا ينتظرون مباركة أميركا، مع أننا لا نرغب بنصر على طريقة العراق وليبيا، ولكن نريده بروعة انتصار ثورة تونس وعظمة الثورة المصرية.