إذا شاخت القيم نموت في الربيع بصمت دون أن يشعر بنا أحد.. إن رحيل اللاعب الشاب أمجد الجابري إلى جوار ربه ــ اللهم لا اعتراض ــ بعد أن تركه الجميع يعاني وحده، ولم يكلف أحد خاطره زيارته، فحين كان على فراش المرض، وتتسرب لحظات عمره لم يجد بجواره غير نظرات ودمعات وحسرات ودعوات (أمه) المسكينة.. حتى اليد الوحيدة الذي اعتقد بأنها (بيضاء)، وحاول أن يستنجد بها جحدته، وخذلته مروتها!.. لقد كان حظ الفقيد (أمجد)، وأسرته من النكران كثير، أن موته يضع إنسانيتنا في موقف لا تحسد عليه، ويصبح معه شعورنا بالذنب، وتأنيب الضمير حالة من البذخ، ومحاولة أنانية لإعادة الاعتبار لشخوصنا ليس أكثر!.

إن مبادرة مؤسسة "الشموع"، وجهد ومثابرة الزميل الأصيل / خالد هيثم وآخرين، وتفاعل فرع اتحاد كرة القدم (عدن)، ومشاركة زملاء وأصدقاء الفقيد، وحرص الكثيرين على الحضور في (يوم الوفاء) للفقيد (أمجد الجابري) كانت لفتة الإنسانية كريمة تستحق التقدير والاحترام، وتبعث الأمل بأن مازال هناك رجال يملكون القدرة على العطاء، ويسيرون بعفوية على درب الوفاء، ويحاولون في حدود الإمكان جبر كسر البسطاء، والتخفيف من وطأة أحزانهم، كما أن غياب إدارة نادي (وحدة عدن)،ونادي (التلال)، وكذلك (شباب البيضاء) عن هذا الموعد دليل على تفسخ أخلاقهم، وعدم قدرتهم على التخلص من عقوقهم!.

إن لراحل (أمجد) دين في رقبة الكثيرين، وكل ما نتمناه ألا تمسي المناسبات عادة، ومجرد حماس، ولحظة انفعال، وبعدها يذهب كل في حال سبيله، وتمسي الوعود لغو، ويصبح (أمجد) وأسرته طي النسيان، والتجارب كثيرة ومرة!.. على الجميع أن يكونوا على قدر المسئولية، وعند حسن ظن أسرته، ولا نسمح تحت أي ظرف أو مبرر أن تعاني الأمرين، وتضطر لقرع أبواب المسئولين لاسترداد مستحقاته المتأخرة، وعلى الإدارات التي مازالت تحتجز حقوقه أن تتحرر لمرة واحدة من صحتها، وقلة أصلها، وتبرئت ذمتها، وتعيد الحقوق لأهلها كاملة، وليس بالتقسيط أو بالقطارة!.. ونقول لهم: "عيب استحوا، وخلوا عندكم دم!".

خالد صالح.. رجل صنعته المواقف الصعبة ******

لا وجه للمقارنة بين من يحفر اسمه، وينحت سيرته على الصخر، وبين من يعجز أن يتخطى نقطة البداية، ويكتفي بأن يظل سطر مكتوب بقلم رصاص على رأس صفحة مجهولة، أو محشور بإهمال في إحدى حواشيها، وفرق كبير بين من تصهره محن الحياة، وتصنعه المواقف الصعبة، ومن يلد وفي فمه ملعقة ذهب، خدمته الصدفة، وبين من يرضع العرفان منذ نعومة أظفاره، ويعلمه التواضع أن يكون محيط كبيرمن الوفاء، وبين من يختار أن يكون مجرد قطرة صغيرة تسقط فجأة، وتذوب باستحياء في الرمال.

الأستاذ خالد صالح حسين نقش عتيق من مملكة الشمس أحتفظ بقيمته وأصالته، ولم يتلوث معدنه، أو يغريه يوما البهرج الكذاب.. رجل حين تنظر في ملامح وجهه تشعرك أصالته بالاطمئنان والراحة، تجده دائما يمد يده الكريمة دون أن ينتظر أن يطلب أحد عونه.. ففي الوقت الذي أنسحب فيه الكثيرين، واحتجبوا وراء أعذارهم، وقد كان معظمهم حينها في الدائرة القريبة من مركز القرار، والمحسوبين من نخبة السلطة، وفي أشد الظروف وأحلكها ظل، وما يزال حاضرا سندا لنا، وقريبا جدا من أسرة فقيدنا عادل الأعسم ــ رحمة الله وأسكنه فسيح جناته ــ ملتزما بكل كلمة ووعد قطعه على نفسه، ولم ينكث بعهده لا سهوا، ولا على سبيل الغفلة.

سيستمر الأنسان (خالد) متمسكا بجذوره، وسيترك خيره أثر أينما حل و رحل.. جميعنا على ثقة بأن تواضعه سيرفعه، فمن أحبه الله أحبه الناس.. لقد كان حقا على الوطن تكريم هذا الرجل.

تضامن شبوة ..في مهب الريح! ******

نادي تضامن شبوة بات كريشة في مهب الريح!.. فبعد ذهاب الأخ عارف الزوكا الذي كان حالة خاصة، وشخص بحجم محافظة، أصبح النادي بلا لون أو طعم أو رائحة، وفقد كثير من قيمته و أصالته، وانحدرت أوضاعه وسلوكه إلى القاع!.. ونعتقد بأن هناك الكثير من العمل ينتظر محافظ شبوة الجديد، وكذلك القائمين على رياضتها، وشخصياتها الاجتماعية، ورجال أعمالها!.. فعلى الجميع في هذه المحافظة أن يعيدوا حساباتهم، يتحملوا مسئولياتهم، ولا يدخروا جهدا، ولا يبخلوا بمال هذا إن أرادوا إعادة الاعتبار لناديهم، ولملمت شتاته، وانتشاله من بؤسه!.
لا نشك أبدا بأن الأخ عارف الزوكا بذل الكثير لنادي تضامن شبوة، وسخر سلطته لدعمه، ولكننا نعتقد أيضا بأن إمساك الخيوط بيد واحدة، وإن كانت خبيرة ومتمرسة أمر قد لا تحمد عواقبه.