بين رأي يأتي إليك بأبشع عبارة الشتم وبين آخر يصل إليك بقسوة النقد، يبقى النجاح لأي عمل رهين العقل الذي يحدد القرار الصائب ويحدد ملامحه، أما العاطفة الجياشة والتركيز عليها فهذه بالتحديد أثبتت بكل معطياتها أنها أبرز وسيلة تنسف الجهد وتصادره وتحول لحظة الفرح المنتظر إلى قمة من الحزن والألم والإحباط.
حقيقة نعي أبعادها، لكننا في خضم الحديث عن كرة القدم والفرق التي ننتمي لها سرعان ما نقفز عليها، والسبب هذه العاطفة التي باتت تحركنا وتسيطر على أفكارنا بل أضحت الخيار والاختيار الذي نقبله ونؤمن به على شجاعة.
عبر تاريخ الرياضة وكرة القدم ومنافساتها وأحداثها ونحن نكرر التعاطي الخاطئ ففي الفوز الكل بطل.. الإدارة .. اللاعبون .. المدرب، أما في وضعية الخسارة أي خسارة حتى لو كانت عابرة فالرؤية تتبدل والقناعة تتغير، والذين وضعناهم في خانة الأبطال سرعان ما نزج بهم في خانة الفاشلين هكذا لمجرد لحظة وقتية نلغي من خلالها لغة العقل والمنطق ونحتكم فيها على لغة التعصب والعاطفة.
الجمهور أي جمهور هو جزء من تركيبة العمل في الأندية، وعندما يصبح هذا الجمهور عاطفيا برؤيته فلا يمكن له أن يسهم في صناعة القرار الصحيح بل على النقيض سيصبح بصوته وصورته سلبيا، أقول سلبيا على اعتبار أن الكثير من المشاهد قدمت لنا هذه الحقيقة، فالكل وليس البعض يبتهج للفوز فيما يرفض الخسارة مع أن الحالتين هي المألوف في لعبة كرة القدم وليس هناك فريقا أو منتخبا ينازل على الميادين الخضراء دونما يحوز على الأولى ويتعرض لألم الثانية.
هنا ولكي أجعل الفكرة عامة لا تختص بفريق دون سواه بودي أن أشير إلى أهمية رجاحة العقل الرياضي في تناول حالة الهزيمة والبحث في أسبابها ومسبباتها، والحرص على وضع الحلول لأي خلل قد يصيب هذا النادي أو ذاك على أن نبتعد عن تجريح الأشخاص الذين يقودون دفة العمل ووضعهم في خانة الأعداء.
كل الأندية تتعرض للخسارة، وكل الأندية قادرة على تحقيق الانتصار، لكن الأهم أن نستوعب جميعا من هذا العبث الذي نراه كعنوان ثابت في مجلسنا وحواراتنا ووسائل تواصلنا الاجتماعي والذي فيه من الإساءة ما يكفي لهزيمة الأخلاق
مختار الشوافي
التعصب..والعاطفة !! 1772