النوم نعمة لا يعرف قدرها إلا من فقدها و حُرم لذتها فأصابه الأرق, فالسهر دليل مرض جسدي أو مرض قلبي..
وحين أنشد أحد الشعراء لدى الوالي..
(وأسهر طول الليل لا أعرف الغمض)..
قال له الوالي:
هل أنت سقيم؟ قال لا.
فقال: هل أنت عاشق؟ قال لا.
فقال: إذن فأنت سارق..
فالعاشق لا يعرف النوم ويظل طول الليل يعد النجوم..
يقول المحضار:
ساهر مع الليل وحداني
لا النوم جاني ولا من اعشقه جاني
قدها فضيله
محد يلوم المحب
لا بات في ليل الدجى سهران
وقد يعشق الإنسان طاعة ربه وقد يعشق وطنه وقد يعشق عمله أو علمه أو ماله
ويسهر عاشق نت وعاشق فيس بوك وعاشق واتساب و معاكس..
ويذكر الشاعر صنفا آخر ممن يسهر الليل في قوله:
يا كم شباب يسهر الليل ما نام
يطلب من المعبود لطف وإعانه
ويسهر الليل مهموم ومديون ومظلوم
وقال العارفون:
ينقسم الساهرون إلى أقسام
من يسهر أول الليل فهو مديون وغلبته الحيلة
ومن يسهر منتصف الليل فهو عاشق وغلبه الحنين
ومن يسهر آخر الليل فهو المقيم الليل بالصلاة وغلبه الخوف من يوم تشخص فيه الأبصار
ويقدم الشاعر حسين المحضار رحمة الله عليه لكل سهران:
يا سهران اهدأ ونم
قلبك لا تحمله هم
المكتوب واللي انقسم
بيأتيك من حيث كان
يا سهران لي فيك عاب
لا تطرحه ضمن الحساب
كم من نجم ولى وغاب
ما بينت منه بيان
وصدق من قال:
لا يسهر الليل إلا من به المٌ
والنار ما تحرق إلا رجل واطيها
وقد كان رسول الله- صلوات ربي وسلامه عليه- يكره النوم قبل العشاء ويكره الحديث بعده دونما حاجة أو مصلحة تقضى.. و سبب كراهة الحديث بعد صلاة العشاء أنه يؤدي غالباً إلى سهر تفوت به صلاة الصبح، أو لئلا يقع في كلام المرء لغو يختم به يومه..
طبعاً هذا كان زمااااان أما اليوم فنصف أمة محمد تسهر الليل كله على الأغاني والرقص والأفلام حتى إذا نادى المنادي "الصلاة خير من النوم" أغمضوا أعينهم وناموا وملأوا الدنيا شخيرا..
أحلام القبيلي
يا سهران...! 2138