باعتقادي أن ما نقله مروان الغفوري عن لقاءاته في الرياض قد تكون رسائل مقصودة مرّرتها النخبة الرسمية لشرعية السابع من أبريل قبيل حلول الذكرى السنوية الثالثة لتنصيبها، وسواءً قصدوها أم لم يقصدوها فهي بمثابة مكاشفة متأخرة للشعب اليمني مفادها: لم نعد قادرين على حمل تطلعاتكم وأهدافكم الوطنية، ولا المضي بتضحياتكم ونضالاتكم إلى وجهتها؛ فانظروا رأيكم، واحسموا أمركم واستكملوا أهدافكم الوطنية المشروعة، بنا أو بغيرنا..!
لكن ولكي تكتمل الصورة من جميع جوانبها حول تحديد مستقبل اليمن فيجب النظر إلى المعادلة الوطنية الراهنة بجميع أطرافها وهي: (واقع نخبة الشرعية الرسمية في الخارج + واقع الميدان وقادته في الداخل + واقع جماعة الحوثي الإرهابية) × (واقع السياسات والتوجهات الدولية والإقليمية) = تحديد مستقبل اليمن.
فإذا كانت الرسالة المشار إليها أعلاه هي التعبير الحقيقي عن واقع نخبة الشرعية الرسمية في الخارج، فيجب تشخيص بقية أجزاء المعادلة، وهي على النحو الآتي:

واقع الميدان في الداخل المناهض لجماعة الحوثي وانقلابها ومشروعها الإيراني يعد في أحسن حالاته من حيث الجاهزية والمعنوية، والتوحد والتحفز، كما تشهد حاضنته الشعبية والقبلية حالة متقدمة من الالتفاف حول المعركة الوطنية الداعم والمساند لتحرير اليمن، وجميع هذه المقومات الداخلية في حالة ترقب وتأهب للحظة انطلاق مسيرة التحرير والعودة الناجزة.
وأما عن واقع جماعة الحوثي الإرهابية وسلطتها الانقلابية الطارئة، فهي في حالة ضعف استراتيجي من كافة الجوانب، فعلى الجانب القانوني أصبحت في خانة الجماعات الإرهابية الأجنبية، وعلى الجانب العسكري تتعرض قياداتها الإرهابية ومقدراتها ومخازنها ومنظوماتها الإيرانية التي زعزعت أمن واستقرار المنطقة ومصالح العالم؛ تتعرض للفتك الجوي الذي استدعته المليشيا بمقامراتها وعمالتها وارتهانها دون أفق للنجاة. وعلى الجانب الاقتصادي وموارد حربها ضد الشعب اليمني وجيرانه والعالم فتشهد حصاراً غير مسبوق، ومنذ مطلع ابريل القادم سيكون حالها أكثر سوءاً. وعلى الجانب الشعبي تواجه سخطاً متنامياً وصل إلى حد انتقال الاشتباكات الفردية إلى المواجهات الجماعية، وأصبحت ملفوظة منبوذة من كل تعاطف أو تأييد مجتمعي بعد انكشاف زيف كل شعاراتها ومزايداتها، وبعد كل الذي أثخنته في كل الجسد اليمني أرضا وانسانا لمصلحة إيران ومشروعها التوسعي الخبيث.
وأما عن السياسات الدولية والإقليمية فليست جماعة الحوثي ومشروعها العسكري سوى مفردة في المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة العربية، والذي لفظ أنفاسه الأخيرة في لبنان وسوريا، وها هو على مشارف الاستئصال بعد أن أنهى الوظيفة الموكلة إليه فيما مضى، وأصبح بقاءه عبئاً ثقيلاً على دول العالم في سياق تحولات السياسات الدولية الجديدة وتسوية صراعات الأقطاب العالمية والإقليمية. حتى إيران نفسها لم تعد في موقع القادر على الدفاع عن ما تبقى من أذرع الحرب بالوكالة التي بنتها بهدف المقايضة بها لحماية مصالحها الأساسية في الداخل الإيراني، وها هي لحظة التضحية بها ككباش فداء قد حانت، خاصة والنظام الإيراني يشهد حالة من الصراع الداخلي حول خلافات التحول الاستراتيجي من نهج تصدير الثورة إلى نهج الاندماج السياسي والدبلوماسي في المنطقة للتموضع في مستقبل عالم جديد متعدد القطبية.
إن النظر إلى المنظومة الشاملة للمعادلة الراهنة من شأنه ألا يجعل ضعف وفشل النخبة السياسية في قيادة الشرعية الحالية عاملاً حاسماً في رسم وتحديد مستقبل اليمن، فالجمهورية اليمنية وشعبها ولاّد بالأبطال في سياق مسيرة نضالاته وتضحياته لصنع التحولات.
والسؤال الأهم الذي يرتسم أمام شعبنا اليمني هو: ماذا أنتم صانعون للانتصار لقضيتكم العادلة في ظل هذا الواقع الداخلي والخارجي؟ ماذا أنتم صانعون في هذه المرحلة وفي ظل المناخات الداخلية والخارجية التي تشير جميعها إلى حقيقة راسخة تفيد بأن النصر والتحرير أصبح أقرب من أي وقت مضى؟!