قال أحدهم:
"الحب لم يعد له وجود في هذا العصر ، الناس لم يعد لديهم عواطف صادقة ، وداعاً للحنان والرقة ، فالحب المزيف يزدهر وإذا اختفى الحب ستسود العالم همجية ، إننا نعاني من تعطل قلوبنا".
سر الهي:
الحب هو لذة الروح وروح الوجود وهو ماء الحياة بل هو سر الحياة.
يقول ابن القيم:
العالم السفلي والعالم العلوي إنما وجدا بالمحبة ولأجلها وأن حركات الأفلاك والشمس والقمر والنجوم وحركات الملائكة والحيوانات وحركة كل متحرك بسبب الحب.
تقول الأستاذة لمياء شومان:
المشاعر والأحاسيس ليست قاصرة على الإنسان وحده وإنما نجدها أيضاً في قطعان الحيوانات وأسراب الطيور والنبات وحتى الجماد الذي نظن انه لا يشعر، يتحدث الله تعالى عنه فيقول: " لو أنزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعاً متصدعاً من خشية الله" ، فالجبل وهو أشد المخلوقات خشونة وصلابة يشعر بالخوف والخشية بل ويحب أيضاً.
قال صلى الله عليه وسلم لما نظر إلى جبل أحد: "أحد جبل يحبنا ونحبه).
إلا أن مشاعر الحب في الإنسان تتميز تميزاً خاصاً وذلك لكونه سيد هذه الأرض بأمر الله ولكونه أيضاً كائناً مميزاً في تركيبه، فهو مركب من جانب أرضي وهو الطين وجانب سماوي رباني وهو الروح.
والحب سر وضعه الله تعالى فينا لنبحث عنه ,,, ترى أين منبعه؟
الحب سر لدى الرحمن منبعه
لا الجن يعرف ما يطوي ولا البشر
الحب قبس الخلاق جذوته
وهو اليقين وكم لاحت به عبرُ
أشقياء الأرض:
يقول الدكتور حسين العفاني: أنظر إلى العشق كيف يجعل من رجل أشقى الآخرين .
فعن عبيدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: يا علي من أشقى الأولين والآخرين؟
قال الله ورسوله اعلم قال : أشقى الأولين عاقر الناقة وأشقى الاخرين الذي يطعنك يا علي
فما قتل ابن ملجم علياً بن أبي طالب إلا بسبب عشقه لقطام وهي امرأة من تيم الرباب كانت ترى رأي الخوارج، فلما أبصرها ابن ملجم عشقها فخطبها فقالت لا أتزوجك إلا على قتل علي بن أبي طالب فتزوجها على ذلك وقتل علياً كرم الله وجهه.
ليس شهيداً:
وقد كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين: "من عشق فعف فمات فهو شهيد".
حتى قال شاعرنا: قد مات شهيداً يا ولدي من مات فداءً للمحبوب.
ولعل بعض الخبثاء أرادوا بذلك أن ينقلونا من ارض المعركة مع عدو الله إلى معركة القلوب وما أكثر شهداء هذه المعركة ، ولأن العرب جميعهم تقريباً مشغولون ومرابطون من أجل نيل شهادة الحب لذلك لم نجد من يدافع عن فلسطين والعراق وغيرهما من دول العالم العربي المهددة والمستهدفة.
وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم الشهداء ولم يذكر منهم، من يقتله الحب وحسب قتيل الحب إن صح هذا الأثر عن بن عباس على أنه لا يدخل تحته حتى:
يصبرلله
ويعف لله
ويكتم لله
وهذا لا يكون إلا مع قدرته على معشوقه وإيثار محبة الله تعالى وخوفه ورضاه وهذا أحق بمن دخل تحت قوله تعالى: " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى".
الحب عذاب:
ورغم أن الحب قبس رحماني وهبه ربانيه إلا أن الكثير ارتكبوا باسمه مجازر بشعة، راح ضحيتها الحياء والعفاف والطهر والفضيلة.
حتى صارت كلمة حب كلمه مدنسة بعد أن كانت مقدسة، يخجل المرء من التفوه بها أو حتى كتابتها
وأصبح الحب من أغراض البطالين وأمراض الفارغين ، ينحل الأرواح بالذبول فالدمع هاطل والرأي عاطل والحسرات تتابع والأنفاس لا تمتد والوساوس تشتد والعيون طول الليل ساهرة والقلوب نسيت لقاء ربها والآخرة.
قال الشاعر:
فما في الأرض أشقي من محب
وإن وجد الهوى حلو المذاقِ
تراه باكياً في كل حين
مخافة فرقة أو لاشتياقِ
وقال آخر:
وما أحد في الناس يحمد أمره
فيوجد إلا وهو في الحب أحمق
وما احد ما ذاق بؤس معيشة
فيعشقُ إلا ذاقها حين يعشقُ
والحب الجهنمي الحب الكاذب يفتت الأكباد
لأنه لا ينتهي إلى قرار ولا يصل إلى استقرار
لا طمأنينة، لا سكن بل لهيب واستعار
الحب في العصر الحديث كسلعة
معروضة في أبشع الأسواق
يتندر العشاق فيه ببعضهم
ويقاطعون مكارم الأخلاق ِ
ويمهدون له بكل عبارة
مأخوذة من دفتر الفساق ِ
كسروا برائته وطافوا حولها
يستهزئون بطهرها المهراق ِ
الحب في العصر الحديث رواية
ممسوخة عرضت على الاطباق ِ
إذن لابد للحب من تقوى الله عز وجل ولابد للحب من الطهر والعفاف حتى يصبح محموداً وتعلو قيمته
حب إذا مسته كف الخنا
فقد غدا درباً من العهر ِ
وهل يكون الحب ذا قيمة
إذا خلا من لذة الطهر ِ
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmail.c0m