حال كثير من المسلمين مع فريضة الحج كحال هذه العجوز التي تحكي عنها الطرفة بأنه قيل لها " تشتي تحجي وإلا تتزوجي؟"
قالت : و"الكعبة ما شتطيرش".
والحج أحد أركان الإسلام الخمسة , وله مكانة عظيمة قال عنها صلى الله عليه وسلم " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة , ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"
وهو الركن العظيم الذي يتساهل في أدائه كثير من المسلمين لأن الرحيم قرنه بالاستطاعة تخفيفاً منه سبحانه الذي لا يكلف نفساً إلا وسعها فتجد الكثير من المستطيعين يتساهلون أو يؤجلونه عاماً بعد عام , حتى طبع في الأذهان أن الحج للعجائز وكبار السن فقط وهذا يقول أزوج ابني أفضل , وأخر يقول متى ما انتهي من بناء بيتي الجديد , وتلك تقول هذه السنة سأغير عفش البيت أو اشتري حزام ذهب والسنة الثانية سوف أحج.
ومن قال لكم أن هذه الأمور أفضل أو أولى ؟؟؟.
إن أداء فريضة الحج أولى من زواج ابنك أو شراء ذهبك , فالحج واجب على الفور في حق من استطاع السبيل إليه ولا يجوز تأخيره فالإنسان لا يدري كم سيعيش وماذا ينتظره وقد قال صلى الله عليه وسلم تعجلوا إلى الحج فان أحدكم لا يدري ما يعرض له"وقال علي رضي الله تعالى عنه "من قدر على الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً"
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال " لقد هممت أن أبعث إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جده" ـ سعة من المال" ـ ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية , ما هم بمسلمين , ما هم بمسلمين" ومن أغرب ما سمعت أن هناك أناس يسكنون مكة المكرمة ولم يؤدوا فريضة الحج ونسوا قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم " استمتعوا بهذا البيت فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة"
الحج جهاد:
قال صلى الله عليه وسلم أفضل الجهاد الحج المبرور, فالحج جهاد لما فيه من مشقة بدنية وتكاليف مالية, إلا أن البعض يحاول أن يجعل من حجه رحلة سياحية ذا خمسة نجوم ,ومن آداب الحج أن يكون الحاج غير مستكثر من الزينة ولا مائل إلى أسباب التفاخر يقول تعالى في حديث قدسي" انظروا إلى زوار بيتي قد جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق"وقد قيل : زين الحجيج أهل اليمن لأنهم على هيئة التواضع والضعف وسيرة السلف، لكن أرجوكم تفهموا هناك فرق بين هيئة التواضع وبين ما يفعله بعض أهل اليمن من عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والبهذلة.
"خلق الله كباسي":
والبعض الآخر يتهرب من أداء الحج لأنه لا يطيق المشقة , ويحكي القاضي العمراني في كتابه قصص وحكايات من اليمن: أن السادة بيت الكبسي كانوا مشهورين بالحج عن الآخرين فإذا مات إنسان ولم يحج وأوصى بحجه من تركته، جاء أقارب الميت إلى واحد من بيت الكبسي وأعطوه النقود التي تركها الميت ليحج وكثر هذا العمل في بيت الكبسي حتى اشتهروا به وأن رجلاً مترفهاً من أهل صنعاء ركب على حماره وسار مع الحجيج الذين كانوا يخرجون جماعة واحده من صنعاء وظلوا سائرين وكانت القاعدة أن يسيروا في كل يوم من بعد طلوع الفجر حتى الظهر ويستريحوا بقية اليوم ثم يعاودون السير مع الفجر الجديد
وهكذا حتى يبلغون مكة في 45 يوماً فلما وصل الحجيج إلى مدينة عمران تعب هذا المترفه وسال " أهكذا الحج؟
قالوا : نعم
فأدار دابته ناحية صنعاء فقالوا: إلى أين؟
قال : أرجع إلى صنعاء , خلق الله كباسي
" كناية عن انه لن يحج في حياته وسيوصي بأن يحج عنه بعد موته.
ويحكى أن رجلاً ذهب لأداء فريضة الحج فاشتبهوا به وقبض عليه رجال الأمن هناك أياماً طويلة فلما أفرجوا عنه : قال : من عاد لا عاده
يقصد أنه لن يعود للحج مرة ثانية أبداً
أمثال :
"يا صائمين رمضان تعويدكم عرفة"
المعنى أن أول يوم من رمضان يوافق عادة يوم عرفة إلا فيما ندر
" ما حاج إلا من حج بيده ورجله"
والمعنى أن الحج التام من حج بنفسه لنفسه ومما كسبه بيده
"ويلك من الحاج لا رجع والميت لا فزع"
ولا أدري ما وجه المقارنة و المساواة بين الحاج والميت ولا الدافع لقول مثل هذا المثل :
فالحاج يعود مغفوراً له كيوم ولدته أمه.