تمر الأيام والشهور وتمضي السنون والأعوام وها نحن نودع عاماً ونستقبل عاماً آخر.. ودّعناه بكل ما فيه ..الأفراح والأحزان , والحسنات والآثام .. فهنيئاً لمن أحسن واستقام وويل لمن أساء وارتكب الحرام.
ودّعنا عاماً وكل لحظة من عمر ابن آدم تمر عليه هي جوهرة لا تقدر بثمن , ولو اجتمع الناس كلهم على أن يردوا عليك نَفسَاً واحداً مضى من حياتك ما استطاعوا.
ودّعنا عاماً ولابد أن نقف معه وقفات عظام .. وقفة محاسبة ومراجعة , كيف ودعناه وكيف سنلقاه بين يدي العليم العلام ..فإن كان خيراً حمدنا الله تعالى وسألناه القبول ..وان كان شراً تبنا إلى الله واستغفرناه واجتهدنا بعمل حسنات .. فالحسنات يذهبن السيئات والله غفور رحيم.
فلنصلح عامنا الفائت ولنستقبل عامنا الجديد بالتوبة والإنابة والعزيمة والأعمال الصالحة ولنستعد للقاء الله تعالى .. قال صلى الله عليه وسلم " ما من عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم".
تعرضوا للنفحات:
وهاهي نفحة إيمانية وهبة ربانية يهبها الله تعالى لنا وهو الرحيم بعباده .. فبعد أن وهبنا يوم عرفة وجعل صيامه كفارة سنة ماضية وسنة قادمة لنختم عامنا بخير.. أرادنا أن نستقبل عامنا الجديد برحمة وتوبة ومغفرة فجعل في أول أشهر العام صيام يوم عاشوراء كفارة سنة .. قال صلى الله عليه وسلم " صوم يوم عاشوراء يكفر العام الذي قبله".
وقال عليه الصلاة والسلام " لإن عشت إلى قابل لأصومنّ التاسع والعاشر".
وقال صلى الله عليه وسلم" أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ".
فلنغتنم الفرص ولنتعرض لنفحات الله تعالى فإن لله تعالى في دهره نفحات.
هيا نهاجر :
وفي ذكرى الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام دروس وعبر وعظات , تلك الهجرة التي غيرت مجرى التاريخ ..ومن هذه الدروس لابد من الهجرة ولكن كيف؟ ولا هجره بعد الفتح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟
يأتيك الجواب على لسان النبي صلى الله عليه وسلم " المهاجر من هجر ما حرم الله".
فلابد من هجر القبائح والرذائل والمفاسد وكل ما يقرب إليها , فقد هجر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أهله وماله وولده ..وأحب البقاع إليه من أجل دين الله تعالى ومنا من لم يحاول هجر شهوة محرمة.
ومن دروس الهجرة :
إن لكل واحد منّا دوراً لابد أن يؤديه , فهاهو الصديق الصدوق أبي بكر الصديق يترك كل شيء ليرافق صديقه وحبيبه في هجرته .. وها هو الفتى كرم الله وجهه علي بن أبي طالب يرقد في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليصبح بذلك أول وأصغر فدائي في الإسلام وفتياننا مشغولون بأفلام الكرتون وألعاب البلاستيشن .
ومن الدروس حسن المعاملة وأداء الأمانة حتى مع غير المسلمين ونحن لا يحسن بعضنا إلى بعض وننتهك حرمات بعضنا البعض لمجرد أننا من أحزاب مختلفة .. فهاهو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يضع أمانات كفار قريش عند علي رضي الله عنه ليردها إليهم ولم يقل: هم كفار وأموالهم حلال فهلاّ اتبعنا سنته.
ثم يأتي دور المرأة الذي لم ينحصر في المكياج والطبخ وتربية الأولاد فقط والعناية بالزوج لكنها شاركت في إعلاء كلمة الله تعالى والمتمثل بدور السيدة/ أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها وعن أبيها- وقد كانت تصعد إلى غار ثور على وعورته وهي حاملة وتحمل للرسول صلى الله عليه وسلم ولأبيها الزاد والماء وتشق نطاقها نصفين حتى سُميت "ذات النطاقين".
ومن الدروس الأخذ بالأسباب فإن الله تعالى قادر على أن ينصر نبيه في مكة ولكنه أمره بالهجرة إلى المدينة حيث فيها أنصاره رضوان الله عليهم .. وهو سبحانه وتعالى قادر على أن ينقله من مكة إلى المدينة على ظهر البراق أو بدونه في لحظات ولكن الله أراد أن تتعلم الأمة الأخذ بالأسباب وإتباع السنن والتخطيط للأمور
والدروس كثيرة نسأل الله الكريم أن نتعلمها ونطبقها وأن لا تمر هذه المناسبة إلا بفائدة عظيمة تجنيها الأمة الإسلامية.
دعاء:
( اللهم هذا عام قد أدبر ونسينا ما عملنا فيه فأحصيته علينا .. اللهم ما أحصيته علينا من عيوب فأسدل عليه جلابيب سترك ، وما أحصيته علينا من ذنوب فاغسلها بفيوض مغفرتك ..اللهم وهذا عام قد أقبل فأعنا فيه على لزوم طاعتك).
وكل عام وانتم بخير
مع تحيات أحلام القبيلي
وكيل آدم على ذريته
alkabily@hotmail com
أحلام القبيلي
هيا بنا نهاجر 2477