من المواضيع الهامة التي لم يعطها الخطباء والوعاظ حقها , هي قضية عقوق الوالدين في الوقت الذي يناقشون فيه قضية عقوق الأبناء في عصر العجائب والغرائب.
وقد أوصى القرآن الآباء بأبنائهم، لأنهم فطروا على محبة أولادهم والشفقة عليهم والرحمة بهم، فكيف إذا خالف الإنسان فطرته فنجد من الأبناء من يسعون بكل الوسائل لطلب رضا والديه فلا يجد إلا الصد والعنف، الأبوة حنان وعطف وتضحية وأمان وبعض الآباء نصبوا أنفسهم أعداءً لأبنائهم , فلا تراهم إلا يتصيدون أخطائهم, ويكلفونهم ما لا يطيقون.
تقول إحداهن : إذا حدث مني خطأ أو تقصير لا تتوانى أمي عن التشهير بي أمام الجيران وتتعمد إهانتي أمام صديقاتي وقد سمعت بانتحار شاب بسبب اهانة والده له أمام أصدقائه ، وأخرى تقول أمي تزرع العداوة والبغضاء بيني وبين إخوتي الذكور بتحريضهم علي ، وصارحتني صديقة لي أن أمها تغار منها لان والدها يحبها وتفتعل معها المشاكل وتقول لها دائماً أنت ضرتي.
أمة الرحمن تقول:
أمي حنونة وطيبة ولكنها تنقلب أحياناً وكأنها عدو لا ترى إلا الأخطاء , اشتغل 24 ساعة وإذا ما انكسر كوب ماء أقامت الدنيا ولم تقعدها.
عبدالحكيم شاب يشكو قسوة والده وضربه الدائم له , وإهمال تربيته حتى لا يعلم في أي فصل دراسي هو وآخر يقول أبي يعطي كل شيء لأخي الأكبر ويحرمني من كل الحقوق وآخرون يتمنون موت أبيهم لأنه يسومهم سوء العذاب .
عقوقهم جريمة:
إن عقوق الأبناء جريمة لن تمر دون عقاب إلهي إذا لم يتب فاعلها و الأولاد أمانة في أعناق آبائهم وسوف يسألهم الله تعالى عنهم ويحاسبهم عليها قال تعالى" يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم واهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" وقال صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها".
قال الأحنف لمعاوية رضي الله عنه : أولادنا ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا , ونحن لهم سماء ظليلة وأرض ذليلة وبهم نصول على كل جليلة فإن غضبوا فأرضهم وان سألوا فأعطهم وان لم يسالوا فأبتدئهم ولا تنظر إليهم شزراً فيملوا حياتك ويتمنوا موتك" .
وسب إعرابي ولده وذكر له حقه فقال: يا أبتاه إن عظيم حقك علي لا يبطل صغير حقي عليك وكثير من الآباء لا يعرفون إلا حق الوالدين ولا يعترفون بحقوق الأبناء وربما لا يعلمون أنهم محاسبون على ذلك.
وقد عجبت لقول ذلك الرجل الذي قتل ولده في مدينة تعز وعذب الآخر " محد له دخل ابني وأنا حر".
ومن المؤسف أن تجد كثيراً من الاباء والامهات يضعون لاولادهم العقدة على المنشار ويرهقونهم بأمور لا يطيقونها , أو يعمدون استفزازهم وإهانتهم , والويل كل الويل لمن يناقش أو يتبرم أو يظهر انزعاجه من ذلك فالضرب والاهانه والتجريح والمقاطعة ستكون من نصيبه، متسلحين بآيات وأحاديث عقوق الوالدين وليتهم يعلمون أن هذا ظلم , ورحم الله من أعان ولده على الطاعة.
عققته قبل أن يعقك:
جاء رجل إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه فبعث عمر للابن يسأله عن عقوقه لأبيه، فسأل الابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى. قال وما حق الولد على أبيه:
قال عمر:
1. أن يحسن اختيار أمه.
2. أن يحسن اختيار اسمه.
3. أن يعلمه الذكر وتلاوة القرآن.
وإذا بالولد يقول يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يصنع شيئاً من هذا
أما أمي فهي زنجية كانت لمجوسي، وأما اسمي فقد سماني جعلاً (وهو اسم حشرة من الحشرات)، ثم إنه لم يعلمني حرفاً واحداً من كتاب الله عز وجل.
فالتفت أمير المؤمنين إلى أبيه وقال: لقد جئت تشكو إليّ عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك؟.
وما أجمل نلك الأنشودة التي يتغنى بها المنشد مصطفى العزاوي مع ابنه عبدالله على قناة طيور الجنة
والتي تشرح ببساطة بعض ما أريد أن أقوله :
عبودي كم بتحبني
ويجيبه ولده
قد ما تزرع فيني حب
عبودي أنت بترضيني
أنت اللي مرضيني سنين
عبودي طب شو حلو فيني
انك في تربيتي أمين.
أيها الآباء تذكروا أنها أمانة , وأنكم ستسألون عنها أمام الله تعالى " ورحم الله من أعان ابنه على طاعته.
مع تحياتي آنا أحلام القبيلي
وكيل آدم على خلقه
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
عقوق الآباء 4184