لأول مرة في حياتي يتصل بي مسئول حكومي ويبدي تجاوبه مع مقال نشرته.. وكان هذا المسئول هو السيد معالي وزير الداخلية/ مطهر رشاد المصري، وعبر باتصاله عن قبوله لأي ملاحظات أو نصائح أو اقتراحات, وأن الوزارة تعد حالياً لندوة تحمل شعار "هيبة الشرطي وكرامة المواطن" استجابة لدعوة وجهتها للسيد الوزير عبر صحيفتنا "أخبار اليوم" حول إطلاق حملة مماثلة لحملة وزارة الداخلية في غزة تحت عنوان "كرامة المواطن وهيبة الشرطي" من خلال ندوات وفعاليات تشمل المدارس والجامعات واحتفالات وبرامج تلفزيونية وبروشورات.. فشكراً للوزير على استجابته.
ولكني قلت للسيد الوزير ألا ترون أن القانون الذي تودون المصادقة عليه يعارض ما تنوون فعله من إصلاح العلاقة بين الشعب والشرطة.
فرد الوزير قائلاً: القانون عادي جداً ولكن لأن المرحلة حرجة أثار هذه كل الضجة, وقال عندنا أكثر من ثلاثمائة تقريباً ما بين جندي وضابط محكوم عليهم بالإعدام والسجن والسبب أن رجل الأمن يواجه بالعنف أو بالرصاص.. فإذا دافع عن نفسه وقد أصيب وحدث قتل يحكم عليه بالإعدام "ما عحد بيرضا يشتغل معانا".
وعندما حدثته عن خطر الاعتداء على المتظاهرين أكد أنه وجه تصريحات بعدم التعرض للمتظاهرين وإن ما حدث في عدن جاء نتيجة للاعتداء على رجال الأمن وإحراق مبنى وباص والعهدة على الوزير.
وعلق الوزير على فقرة جاءت في مقال الخميس والذي كان بعنوان "لا وألف لا" التي شكرت فيها السلوك الحضاري لرجال الأمن الأردنيين عندما قاموا بتوزيع المياه على المتظاهرين قائلاً: لقد قمنا بفعل مماثل بأمر من رئيس الجمهورية في إحدى المظاهرات وقدمنا قوارير المياه المعدنية للمتظاهرين وبعد أن شربوا ما فيها قاموا برجم رجال الأمن بالقوارير الفارغة.
وسألته عن الاعتداء على الصحفيين والإعلاميين فقال: إن ما تعرضوا له ليس من قبل رجال الأمن وان الزميل/ عبدالله غراب قد ذكر ذلك وقال بإمكانهم التواصل معي.
واقترحت على السيد الوزير استحداث خدمة هاتفية يستطيع من خلالها المواطنون إيصال الشكاوي ممن يسيء إليهم من رجال الأمن والشرطة، وعلمت بعدها من الأستاذ/ محمد الماوري أن هذه الخدمة كانت موجودة على عهد الوزير السابق "رشاد العليمي" وكان هناك رقم فاكس لتلقي شكاوى المواطنين وسيتم تفعليه مجدداً والرقم هو "332754".
كما قدمت للوزارة الداخلية مجموعة من الاقتراحات والتي لاقت قبولاً وتجاوباً أولها وأهمها:
تعريف رجال الأمن بمدى أهمية عملهم وما جعل الله له من الأجر والجزاء, لأنه إذا عرف ذلك كان اشد إخلاصاً ووفاءً لوطنه, وأكثر صلابة وشجاعة وسيؤدي عمله وفق شرع الله تعالى.. فلا يظلم ولا يعتدي.. وذلك من خلال المحاضرات الدينية الأسبوعية أو الشهرية، وتشجيعهم على الالتزام بالشعائر الدينية وأهمها الصلاة, وتشجيعهم حفظة القرآن منهم ومساعدة من يرغب في حفظه، كما فعل سيادة الأخ/ الرئيس -حفظه الله تعالى- مع الدفعة التي حفظت القرآن في زمن قياسي.
تعليمهم أسباب النصر والهزيمة من خلال شرح معارك الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والفاتحين من بعدهم أمثال صلاح الدين في حطين وقطز في عين جالوت وغيرها.
ثانياً: رفع مستواهم أخلاقياً, فمهنتهم وان كانت تحتاج للصلابة والشدة إلا أن الأمر لابد أن لا يخلو من الرحمة والإنسانية، وقد يتخذ أعداء البلاد تصرفات بعض رجال الأمن الغير إنسانية وسيلة لتأليب الرأي العام والتحريض ضد الوزارة بل والحكومة كلها، مثل اعتدائهم على كبار السن, أو العزل المستسلمين وغير المقاومين للأوامر أو إهانة كرامة المواطن بضربه ورمي ممتلكاته، كما يفعل بأصحاب البسطات والفرشات.
على مرأى ومسمع وكان يكفي أن يُحبس أو يدفع غرامة وكما يقول المثل: "عسكري الويل يحمل الدولة كل البلاء".
تحذيرهم من الرشوة , وتذكيرهم بعواقبها الوخيمة في الدنيا والآخرة ، أيضاً التزام الأخلاق في معاملتهم مع النساء.. حيث أنه جاءتني فتاة وطلبت مني أن أكتب عن رجال الأمن في الأسواق وأنه أهون لها تمر جنب صعلوك ولا جنب عسكري "وأنه ينطبق على بعضهم قول حاميها حراميها".
حثهم على حسن التعامل وسرعة التفاعل مع من يقدم بلاغ إليهم طالباً نجدتهم، أيضاً توجيههم لاحترام أرواح الناس وأن لا يقابلوا العزل بالأعيرة النارية والذخيرة الحية.
ثالثاً: إن من أهم ما يجب مراعاته والعمل على تحسينه هو علاقة المواطن برجال الأمن هذه العلاقة التي شابها الخوف والجزع والكراهية وتحسين صورته التي شوهت، فلو أن هذه العلاقة تحسنت لأصبح عمل رجال الأمن أكثر سهولة، لأن المواطن سيكون سنداً وعوناً له في الملمات وسيساعده في تنفيذ الأمور والامتثال لها وسيساعده في سرعة القبض على الخارجين عن القانون وسيكونان يداً واحدة.
ويمكن تحسين هذه العلاقة من خلال:
البرامج التلفزيونية مثل برنامج "الحراس" الذي كان يعرض سابقاً على قناة اليمن من إعداد الشميري.
هذا البرنامج الذي كان له جمهوراً عريضاً ينتظره الناس من الأسبوع إلى الأسبوع بفارغ الصبر، هذا البرنامج الذي كان جسر تواصل وبريد محبة بين المواطن ورجال الأمن، حيث كان يعرض فيه مدى المشقة والتعب الذي يلاقيه رجال الأمن في أداء عملهم لكي ننعم نحن بالراحة والأمان في بيوتنا وأعمالنا ومتنزهاتنا، كما كان يعرض جرائم تولى الأمن كشفها وتقديم مرتكبيها للعدالة مع مراعاة التوقيت المناسب لعرضه.. حيث أن البرامج التي تعرض حالياً مثل حماة الوطن تعرض في وقت لا يراه إلا القليل من الناس.. فلو أنه عرض مثلاً العاشرة مساء ويعاد الثانية ظهراً لكان أفضل.
أيضاً من خلال الصحف والمجلات مثل مجلة "الحراس" التي يقرأها الكثير ولازلت احتفظ بأعدادها القديمة، وأيضاً من خلال توضيح أي أمر يعرض في التلفزيون أو الصحافة.. فقد يكون ما وصل للمواطن أمر فيه لبس وقصة لم يشاهدوا إلا المشهد الأخير منها, فقد يكون المقتول على يد رجال الأمن قاطع طريق مثلا أو مجرم أو إن الخطأ الذي وقع فردي و صادر عن أحد أفراد الأمن وليس كلهم وليس للقيادة علم بذلك والاعتذار عن أي خطأ, وكل إنسان يعمل يكون معرضاً للخطأ, ومعاقبة المتعمدين.. والتجاوب السريع مع الشكاوى.
هذا وللسيد الوزير جزيل الشكر والتقدير.
مع تحياتي أنا أحلام القبيلي
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
الو.. وزير الداخلية على الخط!! 4061