كان يا ما كان في ماضي الزمان.. محافظة يمنية نائية تسمى (شبوة) تتكون من خمس مديريات فقط، ويوجد فيها شيء اسمه رياضة ورياضيون وستة أندية رياضية محترمة، وكان في ذلك الزمان لكل نادٍ من الأندية الستة مكانته وهيبته وجماهيره، وكانت الملاعب الترابية المفتوحة من كل جهاتها الأربع تعيش في أوج مجدها تنعم بالحياة والحيوية، وفي ذلك الزمان الجميل كانت أندية ريدان بيحان والراية نصاب والتضامن عتق والصمود الصعيد والكفاح ميفعة تتنافس فيما بينها تنافسا قويا وشريفا، وكانت كل مباراة يلعبها أحدهم مع الآخر تمثل بطولة لوحدها ليس بين اللاعبين داخل صحن الملعب، فحسب بل وفي المدرجات أيضا بين الجماهير على خط التماس لأن الملاعب كانت مفتوحة بدون تسوير ولا مدرجات، وكان الوضع هكذا حتى بعد حرب 1994م.
من يومها - أي بعد 1994م - تغيرت الأمور، وانقلب حال الرياضة الشبوانية رأسا على عقب بعد أن جاءت رياح الحداثة الرياضية، وهبت على جسد الرياضة اليمنية عامة وشبوة بالذات، وبدلا من أن تشهد تطورا وتقدما بفضل رياح التحديث حصل العكس تماما، فتطورت رياضة شبوة، ولكن للأسوأ، وتقدمت ولكن إلى الخلف حتى وصل مستواها العام إلى الحضيض، فرياح التحديث التي هبت على جسدها جاءت لها بعملية تفريخ واسعة لأنديتها الستة، فبقدرة الخالق - جلا وعلا - توالدت الأندية الستة، وأنجبت من لدنها (14) ناديا آخر وأصبح إجمالي أنديتها (20) ناديا وعين الحسد فيها عود!.
بفضل العملية التفريخية أصبح لكل مديرية من مديريات شبوة الخمس التي توالدت هي الأخرى وأصبحت (17) مديرية ناديا مع العلم أن عدد السكان في بعض المديريات الوحدوية لم يتعدى خمسة ألف نسمة، ولكل قرية في إطار بعض المديريات نادٍ رياضي بدون مقر وإدارة وحتى لاعبين بل وحتى ألعاب، اللهم لعبة كرة القدم أندية تم تأسيسها ومنحها الاعتراف الوزاري بطريقة أنفعني وبنفعك دون الاستناد إلى أي معايير وشروط، ففي مديرية الصعيد مثلا كان عندنا ناديان فقط هما (الصمود والطليعة)، وفعلا كان صمود اسم على مسمى وطليعة في كل شيء، واليوم لدينا في (الصعيد طهم وشباب المصينعة) بالإضافة إلى (الصمود والطليعة والهلال في حبان) التي انفصلت عن الصعيد وأصبحت مديرية مستقلة، وفي نصاب كان (الراية) واليوم (شباب أكتوبر ونصر عبدان والنهضة وشباب خوره)، وفي ميفعة التي تفرخت وأصبحت ثلاث مديريات كان نادي (الكفاح) وكان كفاح بحق وحقيق، واليوم بفضل الله ثم التفريخ أصبح فيها (قنا ونصر الروضة وشباب الحوطة) والحال ينطبق على مديريات بيحان وغيرها..
وكل تلك الأندية الـ(20) لا تمتلك مقرات باستثناء ناديي التضامن والصمود. اليوم وبوجود (20) ناديا رياضيا لم تحقق الرياضة الشبوانية أي إنجاز رياضي يذكر، اللهم ما حققه التضامن الذي تحول اسمه بداعي إعلامي إلى تضامن شبوة بوصوله إلى دوري أندية الدرجة الأولى، وتحقيقه مركز الوصيف في بطولة كأس رئيس الجمهورية قبل عدة سنوات، وإنجازات أخرى ضئيلة في بعض الألعاب الرياضية، وحقيقة وهذا الشيء غير قابل للنقاش والمجادلة أن وضع الرياضة الشبوانية هو جزء لا يتجزأ من الوضع الرياضي العام في البلاد قاطبة التي شهدت تدهورا كبيرا أوصلها مرارا وتكرارا إلى ذيل الترتيب الرياضي العربي والإقليمي والدولي ونيلها لقب الأسوأ رياضيا على المستوى العالمي بجدارة واستحقاق وبدون منافس!.
وحكي الرواة أن لاعبي زمان في شبوة كانوا لاعبين متميزين وذوي مستويات عالية من المهارة رغم ما عانوه في تلك الفترات من تجاهل مدربي المنتخبات الوطنية الذين كانوا يركزون على لاعبي عدن وأبين وحضرموت فقط.. فلعمري أن الرياضة الشبوانية الذي وصفت لكم حالها بإيجاز اليوم تعاني من أمراض فقر المال وضغط الحاجة وفيروس السياسة وصداع الهوشلية والعشوائية.. وربنا يستر عليها، وأخاف أن تأتي أيام تتلاشى فيها الرياضة، وتختفي تماما، وتهجر الملاعب ونقول للزمان أرجع يا زمان!!.
أحمد بوصالح
شبوة.. وكانت رياضة هنا 2633