بقلم: سيمون تيسدل ترجمة/ أخبار ا ليوم
إطلاق النار العشوائي من قبل النظام اليمني على المتظاهرين في العاصمة صنعاء وردود الفعل الغاضبة من المعارضة تشير إلى أن أزمة الثمانية أشهر في البلاد ربما تصل إلى ذروتها.
لكن لا تزال مصالح اللاعبين الرئيسيين، الولايات المتحدة والسعودية، تركز على مخاوف أمنية وإرهابية إستراتيجية أكثر من نشر الديمقراطية والرخاء في شبه الجزيرة العربية.
في الأسبوع الماضي صعدت الولايات المتحدة ضغوطها لوضع حد لحكم الرئيس علي عبدالله صالح، مطالبة النظام بقبول المبادرة الخليجية المتعلقة بنقل السلطة في غضون سبعة أيام.
المبادرة تدعو لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية ووضع دستور جديد. لكن صالح، المتحصن في السعودية بعد محاولة اغتياله في يونيو، قاوم البند الرئيسي في المبادرة بأن يستقيل ويسلم السلطة إلى نائبه في مقابل الحصول على حصانة من المقاضاة.
على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية قال إنها ترى مؤشرات مشجعة في تنازل صالح عن سلطة التفاوض إلى نائبه، لكن لا يوجد حتى الآن أي مؤشر على أن الولايات المتحدة ولا السعوديون مستعدون أو حتى راغبون في إجباره على الرحيل من المشهد السياسي. ولو كانوا على استعداد لعمل ذلك لفعلوا ذلك منذ أشهر بطريقة أو بأخرى.
بالرغم من الفوضى المتزايدة في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى، فإن هذا التردد في سحب البساط نهائيا يتناقض بشدة مع طريقة واشنطن القاسية في قطع ساقي حسني مبارك في مصر.
في حقيقة الأمر أن أمراء الرياض غير المنتخبين قد اعترضوا بشدة على معاملة مبارك، معتبرين ذلك سابقة خطيرة، والآن يبدون مصممين بقوة على عدم التخلص من صالح بنفس الطريقة.
وحتى إذا تم الاتفاق على صفقة انتقال السلطة، فقد يظل صالح في السلطة إلى أجل غير مسمى لبراعته في وضع شروطه. مع ذلك فإن السبب الرئيسي في أن النظام لا يزال في السلطة هو عقدة المخاوف الأمريكية والسعودية من ظهور تداعيات محتملة قد تزعزع الاستقرار هناك. الربيع العربي الداعم للديمقراطية عبر الاحتجاجات في الشوارع كشف عن صراع يمني أوسع وأكثر تعقيدا.
وهناك أوجه أخرى تتضمن صراعات على السلطة بين النخب العسكرية والتجارية ونزاعات قبلية منذ فترة طويلة والنزعات الانفصالية المسلحة في الجنوب والتمرد الشيعي في الشمال والأهم من كل ذلك بالنسبة للسعوديين والأمريكيين هو اشتداد قبضة القاعدة في شبة الجزيرة العربية على اليمن، التي تعتبرها واشنطن أكبر تهديد من تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان.
بغض النظر عن جميع أخطائه، كان صالح حليفا قويا في الحرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر. إن الخوف المشترك في العواصم الأوروبية هو أن اليمن بدون صالح يمكن أن تصبح دولة فاشلة وتهدد ليونة السعودية وبالتالي تهدد إمدادات النفط والغاز للغرب.
ربما أن هذا قد يساعد في توضيح السبب في أن الولايات المتحدة كانت أكثر نشاطا في إدارة حملة الإرهاب في اليمن في الأشهر الأخيرة بدلا من إصلاحها.
قال مسئولون في إدارة أوباما لصحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة قد زادت كثيرا في عدد هجمات الطائرات بدون طيار على غرار عمليات باكستان، ومعظم أهدافها كانت في جنوب اليمن.
وقال المسئولون إنه تم إبلاغ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتوسيع عملياتها في اليمن وإنها تبني قاعدة إقليمية جديدة. وسائل الإعلام المحلية تنشر أخبارا كل أسبوع عن العديد من هجمات الطائرات بدون طيار، لكن لم يتم الاعتراف علنا عن تلك الهجمات.
في خطاب ألقاه في جامعة هارفارد الأسبوع الماضي، قال مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب جون برينان إن واشنطن تعتبر اليمن أولا وأخيرا ساحة لمعركة جديدة هامة بدلا من معقل مستقبلي للديمقراطية في المنطقة العربية.
في خضم التصعيد العسكري والمشاحنات السياسية، تتشكل معركة أخرى في اليمن يمكن أن تكون أكثر فتكا من كل ما مر من قبل.
وفقا لتقرير جديد نشرته منظمة أوكسفام، فشريحة كبيرة من المجتمع المدني هم على شفا الكارثة بسبب الجوع المزمن الناجم عن الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية والمشتقات الوقود. كما أن سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن آخذ في التزايد وهي ثالث أكبر نسبة في العالم. ومما يجعل الأمور أكثر سوءا، هناك حوالي 90000 شخص نزحوا بسبب القتال في الجنوب. لكن بدلا من زيادة الإغاثة والمساعدات الإنسانية الأخرى إلى اليمن مع تفاقم الأزمة، خفض البنك الدولي مرة أخرى المساعدات، مشيرا إلى حالة الفوضى السياسية والأمنية.
فمع استمرار المأزق السياسي واشتعال القتال على جميع الجبهات، تتزايد المخاوف في أن تتجسد اليمن في صومال ثاني.
صحيفة الغارديان البريطانية
اليمن مهدد بالتحول إلى صومال آخر 2345