منذ كنا صغاراً كانت أمي - حفظها الله تعالى- إذا سمعت أحدنا يردد كلمات فيها نوع من التشاؤم تمنعه بقولها: "أنطق خير, لابن ادم نصف ما نطق".
ولم أكن أعلم حينها ماذا تقصد أمي بهذه الكلمات الغريبة, وبعد أن مرت السنين علمت أن أمي كانت تشرح لنا حديثاً قدسياً عن رب العزة والجلال بطريقتها البسيطة.
يقول رب العزة:" أنا عند ظن عبدي بي ."
ويقول صلى الله عليه وسلم: "التفاؤل من الرحمن والتشاؤم من الشيطان ."
وعندما زار النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً مريضاً قال له :طهور إن شاء الله
قال الرجل: بل حمى تفور على رجل وقور لتورده القبور، فقال عليه الصلاة والسلام: هي كذلك.. وهذه الأحاديث تدل على أن التشاؤم والتفاؤل مجلبة للقدر.
وسأورد لكم قصتين بالنيابة عن أستاذتي الفاضلة/ أفراح عبدالرقيب - مديرة مركز الشوكاني- وقفت عليها شخصياً وسطرتها لنا لنعرضها في هذه المساحة علّ الله تعالى يجعل فيها العظة والعبرة لكل من يقراها.
مستجابة الدعوة:
قالت لي ذات يوم: أنا أكبر أخواتي, وكل أخواتي الأصغر مني تزوجن بفضل الله تعالى وبقيت أنا بدون زواج, و بدأن النساء بالمعايرة والسخرية, حتى أمي لم أسلم من تعليقاتها القاتلة "لو كنت حلوة ما تزوجين خواتك وأنتِ لا"، فتوجهت إلى الله وكنت أقوم الليل وأدعو بحرقة "يا رب زوجني حتى خادم يعشيني مقتل (يعني مضروبة) ويغديني مقتل".. ومرت الأيام وتزوجت أحد أقاربي وكان أسمراً جداً جداً جداً.
تقول الأستاذة أفراح: ذات صباح جاءتني هذه الفتاة تطرق الباب بشدة, فزعت وقلت من؟ قالت: فلانة، فتحت الباب وأنا مذهولة ما الذي جاء بها في هذه الساعة؟، فإذا دموعها بللت نقابها.
قالت: "قصف الله عمره - تقصد زوجها- لطمني لما قرح طبلة أذني".
وبعد أن جلست معها وهدأت من روعها قلت لها مازحة: أنتِ مستجابة الدعوة.
قالت: وأيش دراك
قلت هذه دعوتك "زوج خادم يعشيك مقتل ويغديك مقتل".
الرازق هو الله:
نعرفها فقيرة لا تملك قوت يومها, والدٌ فقير وأسرة بسيطة كانت تتمنى الغنى دائماً ونضحك من مواقفها البريئة إذا رأت مظاهر فخمة في بيوت صديقاتها تتلمس الأقمشة الفاخرة وترى الرفاهية بعين لا تصل إليها.. كنا ندعو لها بالخير وكانت تقول "الله يرزقنا, الله قادر" ولها من العفة والعزة ما لا تستطيع وصفه, والله إنها ذات خلق طيب وخفة دم وبشاشة وجه تلفت الأنظار.
وذات يوم حضرت حفل عرس إحدى صديقاتها, حضرته ببساطتها المعهودة وطيبة قلبها الجذابة وكانت المفاجأة, بعد هذا العرس تقدم لخطبتها رجل ذا شأن كبير ومال وفير.. وكانت أم هذا الشاب قد رأتها في ذالك العرس ودخلت قلبها، فاختارتها لابنها شريكة حياة وتم الزواج تزوجت اختنا ابن صاحب المصنع الكبير وأصبح عندها المال الوفير.
سبحان الله بعد أن كنا نعطيها ما تحتاجه بحيلة منا صارت هي المتصدقة وهي من تبحث عن الفقراء، سافرت أميركا وسافرت عدة دول لم تكن تراها حتى في الأحلام.. سبحان الله يقينها أن الله تعالى هو الرازق بلغها، فرأت رزق الله
مع تحياتي
أنا مواطنة يمنية تتمنى تسبر الأمور
alkabily@hotmail.com