بيتي بيتـي يا ساتر عوراتي:
البيت نعمة كبيرة لا يعرف حجمها إلا من افتقدها وبات يسكن بالإيجار ومن ذاق مرارة وذل مطالبة الإيجار، ومن عرف قساوة قلوب المؤجرين يفضل باطن الأرض على ظاهرها ويفضل القبر على القصر إذا كان بالإيجار، والمستأجر هو الوحيد الذي يتأثر بسرعة مرور الوقت وهي علامة من علامات الساعة الصغرى ، فالشهر كاليوم واليوم كالساعة والساعة كإحراق سعفة النخل.. يعيش في بيت الإيجار تحت المراقبة محسوب عليه كل صغيرة وكبيرة، فلا يحق له أن يدق مسماراً أو يغير حنفية أو لون الرنج، كما أنه يعيش بقلق إذا كان لديه أطفالاً مشاغبين وزوجة مهملة.. وأكبر مصيبة يخاف المستأجر وقوعها على رأسه الأمر بالطرد الفوري من منزل عاش فيه سنوات عمره وترعرع فيه وكانت له فيه أحلى وأغلى الذكريات دون أي سبب أو مراعاة أو مهلة, وطبعاً إذا وجد بيتاً جديداً سيحتاج إلى موكيت جديد وفرش جديد يناسب حجم البيت الجديد، وفي مثل هذه الحالة قال الحكيم اليماني "لا ولد الناس ولدك ولا بلد الناس بلدك".
الرحمة والأمانة:
ولا أعرف لماذا نزعت الرحمة من قلوب بعض من يملكون العقارات والمثل العربي يقول "الجار قبل الدار وبالجار يعلو سعر الدار"، فكيف إذا كان الجار المؤذي والظالم والقاسي هو صاحب الدار؟.. أين المفر من جار هو صاحب العقار؟ يقطع الماء ويفصل الكهرباء ويهدد بالطرد وآخر يمنع الزوار ويشترط قلة العيال.. وثالث يشترط على المستأجر تحديد النسل.. ورابع يمنع المستأجر من القلي بالزيوت "مش خوفاً على صحته"، ولكن خوفاً على جدران المنزل.. وخامس لا يشفق ولا يرحم، طبعاً هذا من حقه ومن الطبيعي أن يخاف الإنسان على ممتلكاته ويحافظ عليها، لكن البعض يبالغ في ذلك حتى يعامل المستأجر وكأنه عبد عنده, يقيد حريته ويهين كرامته ويجعله يذوق ذل الحاجة كل شهر، ولا ننكر وجود مستأجرين أشبه بالتتار, يدمرون ويحطمون ويكسرون وكأنهم عاصفة لا تبقي ولا تذر, ولا يراعون أمانة العقار الذي استأمنهم عليه المؤجر، كما أن بعض المستأجرين يماطل ولا يدفع الإيجار "إلا وقد قلع عين المؤجر"، حباً في المماطلة والتهرب من حقوق الناس, وفي حارتي كان المؤجر غاية في الطيبة مع المستأجر وكان يصبر عليه الشهر والشهرين والثلاثة وبعد عدة شهور تفاجأ المؤجر بهروبه دون دفع ريال واحد، ولا ننكر وجود مؤجرين يتعاملون بإنسانية وأخلاق دينية غاية في الروعة, فهل تصدقون أنني أعرف مؤجراً كان يشتري للمستأجر عنده "خروف" إذا زارهم العيد ورب الأسرة غائب.. وأعرف من يراعي المستأجرين كلاً حسب حالته, ولا يرفع الإيجار مهما ارتفع سعر الدولار.
إذن لابد أن يستشعر المؤجر والمستأجر حجم المسؤولية, فلابد أن يراعي الأول إخوانه وأن يشكر نعمة الله عليه بالإحسان إلى الناس والرحمة بهم والصبر عليهم ومراعاة ظروفهم، كما يجب عليه أن يتقي الله تعالى وأن لا يؤجر منزله لمن يعلم أنه سيستخدمه فيما يغضب الله تعالى أو يؤذي الناس, وإن فعل ذلك فليعلم أن اللعنة ستلحقه كما تلحق كل من آوى محدثاً.
ولابد للثاني أن يحافظ على الأمانة التي أستؤمن عليها, الأمانة التي تبرأت منها الجبال وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.. وأن يؤدي الذي عليه في وقته، فالمماطلة ظلم.
صالات الأعراس:
ويدخل في حديثنا مالكو صالات الأفراح التي ارتفع سعر إيجارها بشكل جنوني "يفصع" ظهر العروس والعروسة ولهؤلاء نقول: ارحموا عرسان الأرض يزوجكم الله من الحور العين في السماء ولا تكونوا أنتم وغلاء المهور عليهم.. ونذكرهم أيضاً بمراعاة شرع الله تعالى في هذه الصالات التي سمعنا أنه تم اكتشاف كاميرات تصوير في بعضها ومن تتبع عورات الناس فضحه الله تعالى في عقر داره, والجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان.
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
مؤجر ومستأجر وإيجار 2490