حين كان القرار السياسي يضخ المال مدرارا في خزائن نادي التلال كانت الجباه معلقة, والعيون (مبهررة) بشخص (العميد) الوريث, نصف (دسته) من النواب, وصف طويل من التابعين كانوا في المحراب الأحمر يصلون جماعة خلف الإدارة المشكوك في شرعيتها, يقنتون الليل, ويتصوفون النهار حتى أصبحت الأذكار السيادية طقوس عبادة على شواطئ صيرة!.. ولكن حين ترنحت العروش, وخفت الموازين, وانقشعت غيمة الخرف, واندثرت نعمة الترف, ارتدت الأقدام على أعقابها, وانتهى موسم الهجرة إلى القلعة, وأصبح النادي العريق وحيد غريق!!. 
القلعة الحمراء الشامخة عميد أندية الجزيرة والخليج أصبح في زمن (الهلس) كعصف مأكول, وساقته سياسة (الطمس) لقمة مريض على طبق من ذهب إلى (الفلتة), وشلته ومن اتبع ملته!!.. فالنادي الذي كان لا يرضى يغير صهوة المجد, ومنصات الذهب, بات في حالة يرثى لها, وعلى وشك أن تدخل هيبته في غيبوبة!.. النادي الذي كنا نسمع زئيره يدوي, صار اليوم يعوي, (ضرطت) إدارته أسفل العقبة, وتخلت قيادته بشكل مخزٍ عن حلمه, وخسرت المعركة قبل خوض غمار المنافسة!.. وأن أحدا في هذا الوطن لم يكن يتصور يوما أن يصل الحال بهذا الكيان الثري والمرصع تاريخه بالبطولات والإنجازات إلى حد يصبح فيه مجرد رقم في موسم, وأن يكون أقصى طموحاته حجز خانة في جدول الدوري, ويتبدل قاموسه ليكون الظهور المشرف انتصار!.
لمن أراد أن يفهم نقول: "لا توجد وسيلة مشرفة للذل!", فقد يرى البعض أن المهمة صعبة, وقد يكون الواقع مر, والأوضاع متعسرة, ولكن على الجميع أن يدرك أن هذه المؤسسة الرياضية التي عمرها يزيد عن المائة عام تحكمها تقاليد وأعراف عريقة, وتمثل مصدر فخر وزهو لكل الجنوبيين, وأن الصور الرثة, والعقلية المايعة, والمنطق المترهل المهزوم, وثقافة المقاهي لا تليقان بهذا الكيان الكبير, ومكانها خارج أسوار هذه القلعة الشامخة!.
ضحكنا من البلاء حتى البكاء.. قول لي كم فم أكل, وكم عين انكسرت؟!!.. أقول لك كم حجم الكارثة, إن من يقف أمام المرآة بصدق سيكتشف أن ما حدث ويحدث في نادي التلال هي أزمة ضمير ولعنة قشور, وأن نتصور أن هناك من يعاني من انفصام في شخصيته وقراره, بحيث نجد بعضهم (يدندن) في أروقة النادي, و(المقايل), ويروج لجميله, ومواقفه الثابتة النبيلة, ولكن اذا تجرأت, واقتربت منه وسألته عن ممتلكات النادي التي يستثمرها بثمن بخس, تجده يزمجر ويرعد, وتطلع له (قرون) ويمسخ (جني), والبعض الآخر يزن و(يصنجك) بشغفة بالعميد, وحين تطلب منه أن يتقدم يتبلد و يتحنط, وحتى من يزعم أنه شريف اكتفى بمشاهدة المنكر, وأصبح صمته محل شبهة!!.