منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، بات واضحًا أنه يفتقد للشرعية الشعبية، وقد بلغ اليوم ذروة إخفاقه وانعدام ثقة الشعب به. هذا الكيان الذي صُمم لتحقيق أهداف محددة لصالح من أنشأه، أضحى فاقدًا لأي دور فاعل، بعدما استُنفدت جميع المصالح المرجوة منه. واليوم، نرى ذات المصمم يحاصر هذا المجلس بكل مبررات إلغائه، سواء سياسيًا أمام المجتمع الدولي أو شعبيًا أمام اليمنيين.
قبل إقالة الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر، كنت من أوائل المحذرين من تدخل السفير السعودي محمد آل جابر في توجيه الأحداث. فقد أفصح السفير حينها، في لقاء مع مجموعة من الإعلاميين، أن الوقت قد حان لإزاحة هادي ومحسن عن المشهد، لتولي آخرين زمام الأمور.
لكن الوصول إلى هذه النتيجة تطلب إدخال اليمن في دوامة من الفوضى. تلك الفوضى بدأت برعاية الانقلابات المتتالية ضد الرئيس هادي وحكومته في عدن، مرورًا بوقف تحرير الحديدة ووقف التقدم نحو صنعاء، ووصولًا إلى محاصرة الجيش الوطني واستهدافه بضربات جوية "خاطئة" أودت بحياة مئات من القادة والجنود. كل تلك الأحداث كانت خطوات محسوبة للوصول إلى انقلاب أبيض مكتمل الأركان أفضى إلى تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
اليوم، وبعد مرور عامين على تشكيل المجلس، نسمع السفير السعودي يصرّح أمام الإعلاميين والسفراء بأن المجلس قد فشل في أداء مهامه، رغم كل الإمكانيات التي قُدمت له.
وعلى الرغم من أنني اعتبرت المجلس منذ اللحظة الأولى انقلابًا كامل الأركان، إلا أن ما حدث بعد ذلك أكد أن من أنشأ هذا المجلس لم يكن يعمل على دعمه، بل على إحاطته بكل عوامل الفشل. فمنذ اليوم الأول، بدأ العمل على إضعاف المجلس سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، ليصل اليوم إلى مرحلة الفشل التام.
على جميع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليوم أن يتحسسوا رؤوسهم، فالأحداث تشير إلى أن السفير يعمل بوتيرة متسارعة للإطاحة بهم. ربما نحن على أعتاب مرحلة جديدة تتضمن صيغة مختلفة للرئاسة، تُدار تفاصيلها خارج حدود اليمن.
لكن الخطر الحقيقي ليس فيما يُدار خارج اليمن، بل في الصمت والتخاذل داخلها. فالتغيير الحقيقي لا يمكن أن يُفرض إلا من الداخل.
إلى القوى الوطنية في الداخل، إلى كل من يحمل هم الوطن ومستقبل اليمن، عليكم إدراك أن المرحلة الراهنة هي الأكثر خطورة في تاريخ البلاد. المعطيات الإقليمية والدولية تشير بوضوح إلى قرب انهيار المشروع الإيراني في اليمن، لكن هذا لا يعني أن الأمور ستسير تلقائيًا في صالحكم.
الفراغ الناتج عن انهيار المشروع الإيراني قد يُملأ بمشاريع جديدة لا تخدم الشعب اليمني، إذا لم تتحركوا لفرض واقع جديد يعبّر عن طموحات اليمنيين.
التحرك يجب أن يكون على الأرض، في المدن، في القرى، وفي كل جبهة. الوحدة الوطنية، التكاتف بين القوى المختلفة، ووضع رؤية واضحة لتحرير صنعاء وإسقاط الميليشيات الحوثية هي مفاتيح الخروج من هذه الأزمة.
لا تنتظروا حلولًا تأتي من الخارج، فقد أثبتت الأحداث أن الخارج يعمل لتحقيق مصالحه الخاصة، لا مصالح اليمن. الآن هو وقت التحرك، وقت الوحدة، وقت صناعة مستقبل يليق بتضحيات الشعب اليمني.
إن مجلس القيادة الرئاسي قد بلغ نهايته السياسية، والسفير السعودي يعمل على الإعداد لمرحلة جديدة قد تكون أكثر خطورة. لكن وحدهم اليمنيون في الداخل يملكون القدرة على تغيير مسار الأحداث. لا بد من التكاتف والعمل لفرض واقع جديد يعيد لليمن سيادته وكرامته، ويقضي على أي مشروع يستهدف تقسيم البلاد أو استمرار الهيمنة عليها ، ويعيق هدف الشعب اليمني المنشود تحرير صنعاء وهزيمة الاحتلال الايراني ومليشياتها الحوثية !!