منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، قال الفيلسوف الإغريقي هرقليط: كل شي يتغير إلا قانون التغيير والشيء الأكيد في هذه الحياة هو اللحظة التي نعيش فيها، فلماذا نشوه جمال لحظتنا ويومنا هذا يحمل هموم المستقبل الذي يخضع لقانون التغيير؟ .
وكنت أعلم اليقين أن الأيام تتقلب وتتغير، ولكن ما كنت أعلم أن العواطف والمشاعر تتقلب وتتبدل وأن المبادئ والقيم تتغير.
وبعد أن عرفت ذلك عزمت على أن لا أصدر أي حكم في حق أي إنسان إلا بعد أن يتوفاه الأجل، امتثالاً لقول الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:" من كان متأسياً فليتأس بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة".
حال الدنيا :
إن حال الدنيا لا يثبت، ولهذا كان المؤمن لا يركن إليها بشيء، روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال :ما من يوم ولا ليلة ولا شهر ولا سنة إلا والذي قبله خير منه، سمعت ذلك من نبيكم صلى الله عليه وسلم وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء لا تُسبق، فجاء إعرابي فسبقتها ناقته، فشق ذلك على الصحابة رضي الله عنهم، فقال صلى الله عليه وسلم :إن حقاً على الله أن لا يرفع شيء من هذه الدنيا إلا وضعه".
وتكشف الأيام أستار العيوب:
وتكشف الأيام وصروف الدهر كل مستور وتميز الخبيث من الطيب والوفاء من الخيانة والصدق من الكذب والحبيب من العدو والرشد من الغي والهدى من الضلال، فكم من كثيرين كنت تتمنى صفعهم ثم أصبحت تتمنى تقبيلهم وكم من كثيرين كنت تعتقد أن دمهم "شربات"، فتبين لك أن دمهم "صليط حارق".
والتغيير في حياة الإنسان لا يكون دائماً إلى الفضل، لكنه قد يكون أحياناً كثيرة من الأفضل إلى الأسوأ، وللتغيير في حياة الإنسان أسباب عديدة لكل نوع فيه سبب معين منها:
- أن فكر الإنسان أو نمو تفكيره يتغير كل عشر سنوات ومنها وضوح الرؤية والتجارب الفاشلة والظروف القاهرة، إلى جانب عوامل نفسية واجتماعية.
- الإنسان العاطفي أكثر عرضة للتغيير وأسرع, وهذا سبب آخر من أسباب سرعة تقلب وتبدل مشاعر المرأة، فالمرأة لا تحب رجلاً بعينه، ولكنها تحب من يعطيها أكثر من العاطفة والمال ومن يحقق رغباتها ويلبي طلباتها، فالمرأة بسبب عاطفتها سريعة التأثر وبالتالي سريعة التغيير، ولهذا ليس لكثير منهن مبادئ وأهداف ثابتة وعهود صادقة.. لذا قال الإمام علي - كرم الله وجهه:
دع ذكرهن فما لهن وفاء × ريح الصبا وعهودهن سواء
- هناك أسباب طبيعية كأن يكون الإنسان من النوع المصلحي الملول ومن المعروف في علم الكيمياء أن هناك فرقاً بين التغير الفيزيائي والتغير الكيميائي، وما أصعب أن يتغير من تحب تغييراً كيميائياً، فيتحول إلى شخص آخر لا تعرفه.
العاطفة ليست ثابتة:
قلت لإحداهن: ما سبب تغير مشاعرك تجاه صديقتك المقربة؟!
قالت: الأيام..
قلت لها: ولماذا لم تغير الأيام عاطفتك ومشاعرك تجاه والدتك؟!
قالت: لأن عاطفتي تجاه والدتي فطرة وليست مكتسبة.
قلت لها: صحيح لكننا إذا ما عززنا عاطفتنا المكتسبة تجاه من نحب بصدق وغرسناها في أعماق قلوبنا ستهزها ريح الأيام دون أن تستطيع اجتثاث جذورها وستصبح عاطفة فطرية، كحب وعاطفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه تجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ختاماً:
وبعدما عرفت أن كل شيء معقول وأنه لا يدوم على حال إلا الرب المتعال، احترت في كيفية التعامل مع الناس، هل أظل متوجسة ومتوقعة خيانة وتغير من أحب؟.. ووجدت الحل في قوله صلى الله عليه وسلم: "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما"، فالوسطية في كل الأمور هي الحل.. ويدلي "دايل كارنيجي" بدلوه ويعطيني حلاً آخر قائلاً:
لا تنتظر شكراً من أحد يكون الوفاء رداً لفعلك.
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
كل شيء معقول.. 2957