وصلتني رسالة على إيميلي تهجو الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم- وتتهمه بالإساءة للمرأه وإذلالها واحتقارها، وتطلب مني الرد.. تألمت كثيراً لما جاء فيها, وقلت في نفسي لم يلق هذا إلا رسول الله كي يتهجم عليه؟! سأعرض عليكم بعض المواقف التي تبين عظمة تعامل رسول الإنسانية مع المرأة, بحسن التصرف وقمة الذوق, وغاية الرفق:
حديث الإفك:
وأول هذه المواقف وأظنه أصعبها, وفيه صورة مما تعانيه المرأة من ظلم المجتمع, حيث يعتبرها متهمه حتى وإن كانت هي المجني عليها، ولكم أن تتخيلوا موقف الحبيب المصطفى وقد اتهمت زوجته رضي الله عنها بارتكاب الفاحشة, وشاع الأمر بين الناس وانقسم القوم إلى فريقين مصدق ومكذب, وما الذي يمكن أن يفعله أي رجل في مثل هذا الموقف؟
أما الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم- فقد تعامل مع الأمر بكل رحمة وبكل خلق كريم, واسمعوا للسيدة عائشة الطاهرة المطهرة وهي تقول:
"بقيت شهراً مريضة ولا أدري ما يقول الناس ولا يغيبني – أي لا يوجد ما استغربه- غير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يدخل علىَّ مهموماً، وطريقة سلامه مختلفة، ولا أجد ما كنت أجد منه من الوُد"، فبالرغم من ذلك لم يكلمها الرسول عن أي شيء طيلة هذه المدة.
قالت عائشة رضي الله عنها: ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار، وأنا أبكي، وهي تبكي معي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال يا عائشة:
إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس، فاتقي الله وإن كنتِ قد قارفت سوءاً، مما يقول الناس فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده.. طبعاً أي رجل آخر مهما كانت أخلاقه, ومهما كان إيمانه لن يتصرف كما تصرف الحبيب - صلى الله عليه وسلم، وأقل شيء يطلقها "ويا بنت عرش على أهلش ما الزوج ما له عنيه", هذا إذا لم يقتلها, أو يعتدي عليها, وأجزم أنه لا يمكن أن يعيدها حتى وإن ظهرت براءتها.
أول خلع في الإسلام:
ويقول بعض المرجفين إنه من الظلم أن يجعل الطلاق بيد الرجل, يتحكم في المرأة كيف يشاء, ولا يعلمون أن الله تعالى قد جعل للمرأة حق الانفصال عن الزوج وإن كان كارهاً, فلها أن تخلعه كما له أن يطلقها.. واقرأوا معي قصة أول خلع في الإسلام وتعامل نبي الرحمة معها صلى الله عليه وسلم:
وقصة الخلع يرويها لنا الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنه، فيقول:
"إنّ جميلة بنت أبي بن سلول الخزرجية أتت النبي صلى الله عليه وسلم تريد الخلع، فقالت: يا رسول الله!، لا أعيب على ثابت بن قيس في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر بعد الإسلام، وإني لا أطيقه: بغضاً، وإنما والله ما كرهت منه شيئا إلا دمامته، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردّين عليه حديقته؟ وكان قد أصدقها إياها، فقالت: وإن شاء زدته، ففرّق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما.. ويقال إن ثابت بن قيس رضي الله عنه كان قصير القامة شديد السواد.
ولم يقل لها "استحي عل نفسك, ما تفعليه عيب أو حرام, الرجل ما يعيبه إلا جيبه، با تندمي، ادعو أهلها يتصرفوا معها, أو يتحدث عنها بسوء, أو يضرب بها المثل للمرأة السوء".
وبهذا الحديث يستند فقهاء الإسلام: على أنّ المرأة إذا كرهت زوجها تردّ عليه المهر الذي أمهرها به، وتلك سماحة الإسلام ويسره
أجرنا من أجرتِ:
ولما أجارت أم هاني بنت أبي طالب رجلين كافرين من بني مخزوم فرا إليها وهي زوجة لهريرة بن أبي وهبة المخزومي.. وجاء علي - كرم الله وجهه- ليقتلهما فأغلقت عليهما الباب، ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته خبر الرجلين وخبر علي كرم الله وجهه، فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرتِ وآمنا من أمّنتِ"، فلم يقتلهما علي كرم الله وجه.. يعني لم يقل لها : "لا تكسري كلام أخوك، أنت امرأة ومالك وهذه الأمور، ما باقي إلا النسوان يجزعين كلامهن على الرجال".
رحمته بالتائبة:
وهل أتاك خبر تلك المرآة المؤمنة التي زنت وأتت إليه صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يقيم عليها الحد, فلما أمر بها بعد أن أمهلها إلى أن تلد وترضع وليدها حولين كاملين, فرجمت وأقبل خالد بن الوليد بحجر، فرمى رأسها فينضح الدم على وجه خالد، فسبها، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها، فقال: "مهلاً يا خالد فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لكفتهم"، ورواية "لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له".
يعني لم يقر سبها بالسكوت عن خالد, وما قال: النسوان كسارات الظهور, وما قال الله يعز النسوان وإلا يشلهن.
ونحن إذا سمعنا بامرأة ارتكبت جرماً أو حتى إذا ارُتكب بحقها كأن تغتصب, نكيل السباب والشتائم واللعنات لجميع نساء الأرض, والرجال عندنا مثل الريال مهما ارتكب أو أخطأ, والمرأة جُرم وإن لم ترتكب أي جرم
ويا محبي النبي تابعونا
وصلوا على هادينا
المصطفى طه نبينا
هو خير العالمينا
ابن عبدالله
alkabily@hotmail.com
أحلام القبيلي
رفقاً بالقوارير 1 2541