لماذا نكرر نفس الأخطاء؟ ولماذا لا نتعظ بغيرنا؟ ولماذا يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟ قال بن مسعود رضي الله عنه (السعيد من اتعظ بغيره) واقرأ هذا الحوار الذي دار بين سمكتين، قالت إحداهما للأخرى: احذري من سنارة الصياد فإن هذا الطُعم الذي يضعه على سنارته ؛ كي يمسك بكِ ثم يرفعك إلى الأعلى، ثم يضعك على مقلاته ويقلبك في زيته، ثم توضعين على سفرة عائلته، ثم تتناوشك السكاكين والأيدي وتصبحين أثراً بعد عين.. فأنا لك ناصحة، وعليك مشفقة.
فقالت لها: إنك مغفلة.. وعن رزق الله الذي ساقه إليك زاهدة.. وما تقولينه مجرد ظنون وسراب يحسبه الظمآن ماءً.. كيف أفرط في طعام وافر لذيذ؟ وكيف أدع هذه الفرصة تضيع علي سدى؟.. ألم تسمعٍ قول القائل إذا هبت رياحك فاغتنمها، فإن الغاديات لها سكون؟.. وقد هبت رياحي.. وجاءني رزقي إلى حد بيتي.. أأدعه لقولك؟ وأتركه لنصحك؟.. فقالت لها أختها: لقد أعذرت وأنذرت.. وما عليَّ إلا البلاغ..
فذهبت السمكة إلى السنارة لتأكل الطعم المعلق.. فما هي إلا لحظات وإذا بالصياد يرفع سنارته.. ويصعد بها إلى الأعلى والسمكة تحاول الفرار دون فائدة.. فقد فات الفوت.. وما ينفع حينها الصوت.. رُفِعت السمكة إلى الأعلى وذهب بها الصياد إلى داره والسمكة تتذكر كلام صاحبتها ولكن ما تنفع الذكرى وقد وقع الفأس على الرأس وكانت تتنهد وتقول بلسان حالها: ليتني أطعت فلانة..ليتني سمعت كلامها.. واستجبت لندائها..آه لقد كانت لي ناصحة..وعليَّ مشفقة !..
إنها مغفلة:
مهما سمعت الفتاة من قصص وأخبار ومآسٍ وكوارث كان سببها علاقة حب جمعت بين فتاة وشاب استدرجها، ثم أوقعها في الفخ، ثم سلبها أغلى ما تملك، ثم رماها على قارعة العار، تتمنى الموت ولا تجده ومهما سمعت من مواعظ تحذر من ذلك، وأحاديث تحرم، وعادات وتقاليد تجرم إلا أنها تكرر نفس المأساة وتؤدي دور الضحيه راضية غير مجبرة.
واليوم أتيتكم بقصة واقعية من بين آلاف القصص التي تحدث يومياً, وأنا متأكدة ان بعض الفتيات ستقرأ المقالة وستتصل بحبيبها وتقول له اقرأ "أخبار اليوم" حبيبي وشوف على مأساة, و كأنها غير معنية بكل ما قيل لأنها واثقة من نفسها ومن حبيبها.
حب نهايته الجنون:
ميمي فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً، أحبت شاباً كانت تدلعه " مينو"، التقت به على الفيس بوك، طلب منها إضافة فقبلت، مضت أيام ثم بدأ يكلمها على الخاص وهي لا تعيره أي اهتمام، بدأ يضع على حائطها منشورات، أعجبت بها، وكرر المحاولة عن طريق الرسائل، كان كلاماً عادياً ثم تحول إلى إعجاب، مضت الأيام وبدأت بينهما علاقة حب على الفيس بوك جعلته يتجرأ على طلب رقم جوالها، كانت مترددة.. ومع مرور الوقت وكثرة المحاولات أعطته رقم الجوال، بدأ يكلمها عليه، استمرا على هذا الحال عدة أشهر، ثم طلب صورتها وأغراها بالكلام المعسول، فأرسلت له الصورة عبر وسائط الجوال، أعجب بها ولا زال يكلمها شهراً بعد شهر حتى تعلقت به وأصبحت لا ترفض له طلباً وفي يوم من الأيام اتصلت به تطلب مقابلته فجاءها مسرعاً وخرجا معاً, وأمطرها بالكلام المعسول حتى امتلأ قلب البنت حباً وعشقاً وعادت إلى البيت وهي لا ترى في الوجود غيره وتكرر الخروج عدة مرات وبعد سنة ونصف من العلاقة المفعمة بالحبو أسرت الفتاة بقصتها لأحد أقربائها لأنها تثق فيه كثيراً، حذرها ونبهها وطلب رقم جوال الشاب فأعطته إياه واتصل به: الووووو أخي كيفك طيب "الحمد لله" أخي أود أن أسالك سؤالاً.. "تفضل".. تعرف البنت ميمي" لا، لا أعرفها ولم أسمع عنها" أخي أنا أحد أقربائها وأود أن استفسر منك، "يا أخي لا أعرفها" وقفل الخط، المهم عاد القريب وأخبر قريبته بما حصل ونصحها ولكن البنت صاحت في وجهه: أنت تكذب.. تركها عدة أيام ثم أعاد لها النصح وهي مصرة على أنه يكذب ولا تصدق أن يقول حبيبها ذلك.. استمر قريبها بمراقبتهما عن بعد والبنت مغرمة وهائمة بحب الشاب طيلة الـ3سنوات وهي ترفض كل من يأتي لخطبتها على أمل الزواج بمن وعدها به وكانت الكارثة، فقد تركها وتقدم لخطبة صديقتها، اتصلت به وهي مفجوعة ما الذي فعلته؟ لماذا؟، فاجأها بالجواب الذي زعزع كيانها وهد أركانها " يا بنت الناس أنا تسليت بك فترة والآن استغنيت عن خدماتك، أنت إنسانة ساقطة ولا يمكن تكوني لي زوجة" أغمي على الفتاة ونقلت إلى المستشفى وهي تعاني من أزمة نفسية أشبه بالجنون إلى هذا اليوم.. هذه القصة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فهناك مئات بل آلاف الضحايا يقعن يومياً في نفس المستقنع ويكررن نفس الخطأ، فهل من وقفة جادة قبل أن يقع الفأس في الرأس ولات حين مناص؟.
أحلام القبيلي
لماذا يلدغ المؤمن مرتين؟ 2911