لو أن البقرة تطير لما استطعنا أن نحلبها، لو أن عجلات العربة مربعة لما استطعنا أن ننقل البيض إلى السوق، لو لم يأتِ الليل فكيف سننام.. كانت هذه كلمات "مقطع كرتوني" من مسلسل "افتح يا سمسم" ونحن نقول: لو كل واحد نظف جنب بيته سيصبح الشارع نظيفاً ولو كل جماعة نظفوا شارعهم ستصبح المدينة نظيفة، لو أن المرأة تطيع ربها كما تطيع زوجها لسكنت الفردوس الأعلى، فالزوج إذا قال للمرأة: ممنوعة حتى من زيارة أمك ستطيعه "والله ما تدي خطوه"، لو أننا نراعي الله تعالى كما نراعي من نحب لكنا من الأولياء الصالحين،
فالمحب لو علم أن حبيبه مثلاً يحب اللون الوردي سيجعل حياته كلها وردي في وردي، لو أننا نستحي من الله تعالى كما نستحي من الخلق لما انتهكنا الحرمات إذا خلونا بها والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي " عبدي استحي مني كما تستحي من الرجل الصالح في قريتك"، لو أن النساء يعشقن البيوت كما يعشقن الأسواق لأصبحت البيوت عامرة بالخيرات، لو أن العقل يحب والقلب يفكر لما أسرتنا الشهوات ولا وقعنا في فخ الشبهات، لو أن الاختلاف لا يؤدي إلى الخلاف لما تفرقت أيدي سبأ، لو أننا نحمل القران كما نحمل الجوال لكنا من أهل الله وخاصته، لو أننا نخشع في الصلاة كما نخشع عند مشاهدة المسلسلات التركية وباب الحارة
لكانت صلاتنا لنا نوراً في الدين والآخرة وقالت حفظك الله كما حفظتني، لو أن الرجل يعتني بأمه كما يعتني بزوجته لكان أبر من أويس القرني، لو كل واحد اشتغل بعيوبه عن عيوب الناس ستختفي كل العيوب، لو أن السلطة تطبق ما كانت تطالب به وهي في المعارضة لأصبح اليمن سعيداً، لو يسكت بعض القراء قليلاً ويخلوا لي حالي با ادعو لهم من قلبي.. يعني بالله عليكم ما هو الضرر الذي لحق بكم من ذكر حكايات جدتي وعمتي وصديقتي؟ وما هي الفائدة التي عادت عليا أو عليهن؟ "ناس فاضيين ما معاهمش مهره " فقد ذكر الله تعالى في القرآن قصص الأنبياء والصالحين والطالحين والحيوانات والحشرات من أجل العظة والعبرة, يعني الآن صديقتي إذا ذكرت قصتها لتستفيد أنت منها تكون قد حازت المراتب العلى أو منحت وظيفة أو نالت جائزة، إذا كنت أنا صاحبة الشأن لم ينلني منكم سوى الهم والهرم، فما الخير الذي سيعود على جدتي وصديقتي؟.
لو تفتح عمل الشيطان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا و كذا، ولكن قل: قدَّر الله، وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان"، ولكن لابد أن نعلم أن "لو" لا تفتح عمل الشيطان في كل الأحوال.
فقد نقل ابن حجر في الفتح عن القرطبي أنه قال في المفهم: "محل النهي عن إطلاقها ـ يعني لو ـ إنما هو فيما إذا أطلقت معارضة للقدر مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور".
وقال النووي في شرح مسلم: أما من قالها تأسفاً على ما فات من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به.
ولتتمة الفائدة نذكر ما قاله الشيخ/ ابن عثيمين في استعمالات (لو) وحكم كل استعمال، فقال في شرح كتاب التوحيد:
1- الاعتراض على الشرع وهو محرم، كقول المنافقين: لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا {آل عمران: 168}.
2- الاعتراض على القدر وهو محرم أيضاً، كقوله تعالى: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا {آل عمران: 156}.
3- الندم والتحسر وهو محرم أيضاً، كحديث: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. ومن استعمل ليت لمعنى من هذه المعاني المحرمة فهي حرام.
4- الاحتجاج بالقدر على المعصية وهو محرم، كقول المشركين: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا {الأنعام: 148} وقولهم: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ {الزخرف: 20}.
الخير المحض وهذا جائز، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي.
أحلام القبيلي
لو........ 2145