يعاني كثيراً عدد كبير من الرياضيين في بلادنا أثناء مشاركاتهم في البطولات الخارجية ممثلين لمنتخباتنا الوطنية سواء كانوا طلاباً أو عمالاً؛ إذ يواجهون صعوبات كبيرة (لتفريغهم) أثناء هذه المشاركات، بل ولا يقتصر الأمر على هذه المشاركات وحسب فأثناء إقامة المعسكرات الخارجية تتكرر نفس الصعوبات، وهو ما يجعل هؤلاء الرياضيين يجسدون المثل القائل "صاحب بالين كذاب".
لنتذكر أنه ما زال (العائد) المالي المرصود لكل الرياضيين أثناء تمثيلهم لمنتخباتنا الوطنية ضئيل بل وغير مُحفّز بغض النظر عن الاسطوانة المملة وعنوانها الدائم: (هذه مهمة وطنية)؛ فتكرار مثل هذا الكلام/ الاسطوانة صار لا معنى له، فضلاً عن كون هذا التكرار يستهبل عقول هؤلاء الرياضيين على نحو مستفز.
حسناً.. ثمة حاجة ماسة إذاً لإعادة النظر في هذه (القضية) ليس لأهميتها وحسب، بل ولكونها تمهّد الطريق للنظر إلى (ملفات) قضايا أخرى مهمة بدلاً من الاستمرار في تجاهل ما يعانيه رياضيونا بمختلف ألعابهم طوال السنوات الفائتة على نحو تراجيدي صادم، فمن غير المعقول ولا المنطقي أن يتم (تفريغ) مسئولين في وزارة الشباب والرياضة لمهمات لا تستغرق يومين أو ثلاثة و(فوق) هذا يحصلون على مبالغ مالية عشرة أضعاف ما يتحصل عليه الرياضيون الذين يمثلون منتخباتنا - وفي بعض الروايات ثمة أرقام مالية خرافية- وكل هذا يحدث تحت وقع الاسطوانة المستفزة ذاتها: "هذه مهمة وطنية"!
السؤال المنطقي هنا هو (كيف) يمكن إلزام كافة الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية بتفريغ الرياضيين عند مشاركتهم في مختلف البطولات والاستحقاقات الرياضية الخارجية على الصعيد الخليجي والعربي والآسيوي والدولي دون تلكؤ أو مماطلة أو تسويف في ظل معرفتنا بحال عدد كبير من الموظفين وشكواهم بحرمانهم من المشاركة في هذه البطولات سواء أكانوا لاعبين أم مدربين أم إداريين، وبالتالي تأثير مشاركاتهم على ترقياتهم في أعمالهم ورصيد إجازاتهم السنوية والحال مشابه للطلاب ومدى تحصيلهم التعليمي المفترض..؟
قطعاً ثمة عديد اقتراحات يُمكن التقدم بها إلى الجهات ذات العلاقة وأولها وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم، بيد أن مسألة الإلزام بحاجة إلى (مرجعية) توضح فيها (الآلية) التي سيتعين على الجميع التقيد بها.
قبل سنوات كان البحرينيون يضعون هذه المسألة تحت مجهر عنايتهم المباشرة لأهمية الموضوع على أكثر من جهة؛ ولذلك وصل الأمر إلى مجلس النواب بغية إقرار (قانون) أسموه - ركزوا معي لو سمحتم- "قانون التفرغ الرياضي لموظفي القطاع العام وطلاب المدارس والجامعات والمعاهد الحكومية".
أنظروا.. كان مجلس النواب البحريني تقدم - آنذاك- بهذا المقترح إلى جلالة الملك للموافقة على القانون - ليصدر به مرسوم ملكي- وهو القانون الذي يهدف إلى إلزام كافة الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية بتفريغ الرياضيين عند مشاركتهم في مختلف البطولات والاستحقاقات الرياضية الخارجية على الصعيد الخليجي والعربي والآسيوي.
طبعاً المقترح البحريني/ الذي صار قانوناً مر بالعديد من المراحل فور صدوره كمقترح برغبة من النواب، حيث أحيل إلى مجلس الشورى الذي وافق عليه، ليرفع إلى مجلس الوزراء الذي اعتمده هو الآخر ليصل إلى المرحلة النهائية كمشروع قانون؛ و(نحن) الذين عرفنا الرياضة ما زالت معظم قوانينا على الرفوف زينة فضلاً عن كون أغلبها (أكل) عليها الدهر وشرب(!)