يقول الخليفة عمر بن عبد العزيز: مخاطباً وجاء بن حيوة "إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه ،تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها،والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها."
وهكذا يجب أن يكون كل مسلم ولكن واقعنا يحكي عكس ذلك تماماً فنحن دائماً وأبداً أصحاب الحد الأدنى في كل شيء ونحن ضحايا " الدهفة , والحاصل وسفاسف الأمور" إذا درسنا " قلنا المهم ننجح مش مهم المعدل , ولهذا دائماً ننجح بالدهفةوإذا بحثنا عن عمل , قلنا الحاصل , المهم "مهنه نأكل منها عيش "وإذا بحثنا عن شريك العمر قلنا الحاصل المهم زوج حتى جني " بظهر الرجال ولا بظهر الحجار" وتقبل بأول طارق يدق الباب وان كان يشبه القضاء المحتوم ويقبل الرجل بأي امرأة المهم يتزوج حتى أم الصبيان وإذا تأخر الحمل والإنجاب قلنا يا رب " ارزقني حتى نص جاهل"..
ونحن القائلون: السراج المطفطف ولا الغدرة" واري أن السراج المطفطف يضر العين أكثر من الغدرة والزوج المهارم ولا عدمه والصحيح أن عدمه أحسن، لان الزوج المهارم يطلع الضغط ويسبب تصلب الشرايين وسبب رئيسي للسكتة القلبية.. وغاية ما يتمناه كل شاب رزق الحاصل ومرة وجاهل و الحكومة الجديدة نصرح ونلمح أننا لا نريد منهم شي سوى الماء والكهرباء ونص البلاء ولا كله، حتى في الدعاء نقول..
"اللهم أحييني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين"
وهذا الدعاء دعاء مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وقد كان يسأل الله تعالى العفاف والغنى ويدعو البعض الأخر بخشوعاً "اللهم اجعلني مظلوماً ولا تجعلني ظالماً"
والصحيح "اللهم لا تجعلني مظلوماً ولا ظالماً" ومن الدعاء الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الخروج من المنزل "اللهم إني أعوذ بك أن أزل أو أُزل أو أظلم أو اُظلم".
وإذا ذكرت الجنة قلنا الحاصل حتى باب الجنة يا رب والصحيح أن نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وعلو همتنا محصورة في المكروهات والمحرمات
خذوا أمثلة على ذلك:
"يا أكل الثوم آكل وزيد.. إذا سرقت اسرق جمل وإذا عشقت اعشق قمر.. والسرقة والعشق محرمان.. واكل الثوم يتأذى منه البشر وهو مكروه لمن سيحضر صلاة الجماعة".
وإذا أعطيت قاضي رشوة يرفض أن يأخذها، ليس لأنه قاض نزيه ولكن لأن همته عالية في الحرام، فيقول لك هذه "ما هيش بغمسه في النار"..
حتى في العبادات
في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحديث يقول" من رأى منكم منكراً فليغيره ـ ـ و دائماً نختار آخر درجات الإيمان ـ فمن لم يستطع فبقلبه" حتى وان كان يستطيع تغيير المنكر بيده ولسانه ورجله، كالسلطان والأب والزوج.. والحج لا يزال يعتقد الكثير أنها عبادة آخر العمر، وإذا أردنا أن نقيم الليل فإننا ننتظر النعاس متى يغلبنا كي نقوم لنصلي ركعتين لا نفقه ما نقول فيها.
الحد الأدنى:
يقول وائل عزيز:
راجع قاموسنا الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وستكتشف أننا "ندير" الكثير من أمورنا وفق ثقافة الحد الأدنى، فهناك الحد الأدنى للأجور، والحد الأدنى للمجموع لدخول الكليات، والحد الأدنى من الخبرة للقبول في وظيفة، والحد الأدنى من الشهادات للتقدم لخطبة فتاة، والحد الأدنى لفاتورة التليفون الذي يجب أن تدفعه حتى لو تتكلم بقرش، والحد الأدنى لتعرفة التاكسي، والحد الأدنى للمشروبات عندما تجلس في إحدى الكافيتريات الشهيرة، والحد الأدنى للطلبات حتى تصل إلى منزلك..
إننا نعيش ثقافة الحد الأدنى… أو ثقافة النجاة وهي ثقافة تقدم فكرة "الخروج بأقل الخسائر" أو "البقاء على قيد الحياة"… على حساب فكرة "التقدم" و "النماء"… فضلاً عن "المنافسة" و "التميز.
إضاءة:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخْلاقِ وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا "
أحلام القبيلي
ضحايا الدهفة والحاصل 2813