ذكرت في مقال سابق أن أعظم ثورة عرفها التاريخ هي الثورة المحمدية وأن أطهر ثائر عرفته البشرية هو محمد ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ.
وفي مقال الأمس عاتبت علمائنا الأجلاء بسبب غياب دورهم الفاعل والهام وأنهم لم يكونوا قادة للتغيير وكانوا مجرد تابعين للشعوب, ثم أنهم تركوا الثورات تمضي دون تصحيح أو تقويم أو توجيه, فأوقعونا في الفوضى وكانت الغاية عندهم تبرر الوسيلة , فلم أسمع عالماً ثورياً انتقد شيئاً في الثورات العربية حتى أصبحت عند العامة أشبه بصنم يعبد من دون الله , لا يجوز المساس بها أو انتقادها أو ذكر مساوئها, رغم أنها عمل بشري وكل عمل بشري يعتريه النقص، ولنا في أعظم ثائر -صلوات ربي وسلامه عليه -أسوة حسنة, حيث علَّم أصحابه وأتباعه رضوان الله عليهم شروط وآداب التغيير, فكانت أسمى وأعظم وأرقى ثوره ودعونا نقف مع بعض المواقف المحمدية في أعظم ثورة إنسانية :
الرحمة المهداة:
"اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل اللهُ قريشاُ".. هذا ما قاله الصحابي الجليل عبادة بن الصامت أمام أبو سفيان والجيش الإسلامي في طريقه إلى مكة ليفتحها, فلما وصل الخبر هذه الكلمات إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استنكر مقولة عباده وقال قولته الشهيرة بعد أن نزع منه اللواء " بل اليوم يوم المرحمة اليوم يعز اللهُ قريشاً ويعظم الكعبة".. لم يقل إنها ثورة الشباب وحماس الشباب , لم يقل نعم إنها كما قلت يا عباده فقد قاتلونا و أخرجونا وحاربوا الله ورسوله, لم يقل إنها كلمات حماسيه تستنهض الهمم ويشعر معها المسلم بان نصر الله قريب, إنه الرحمة المهداة ـ صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ.
يحترم المشاعر:
وفي موقف ثوري محمدي يقف النبي- صلوات ربي وسلامه عليه- لأصحابه موجهاً ومعلماً ومربياً, قائلاً لهم: "يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبُّوا أباه، فإن سب الميت يؤذى الحي، ولا يبلغ الميت"..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : "قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً".. هذا هو محمد القائد الأعظم وهذه بعض ملامح الثورة المحمدية التي غفلتم عنها أيها العلماء والخطباء والدعاة.. فكانت أبرز معالم ثوراتنا العربية غياب الأخلاق ـ صلى الله على محمد وآله وسلم ـ.
أحلام القبيلي
ولكم في رسول الله أسوة حسنة يا مشائخنا الكرام 1925