الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان هذا ما تعلمناه في حلقات العلم, لكن البعض اتخذ هذه القاعدة مدخلاً لتحليل الحرام ومخالفة بعض شرائع الإسلام.. فما زلت أسمع دعوات بعض الأخوات إلى التبرج والسفور والاختلاط, مستشهدات بأحاديث وتفسير آيات وبعض القصص والروايات من العصر النبوي.
ولن أدخل في جدال حول صحة ما يستشهدن به ولكني أقول لهن ببساطة: إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان.. و نحن في زمن نخاف فيه على المرأة من أخيها وابنها وأبيها ولا يخفى على أحد نسبة جرائم زنا المحارم وما عدا المحارم فقد جاوز حدود المعقول والتحرش الجنسي قولاً وفعلاً..
نحن في زمن نخاف فيه على الرجل, فضلاً عن خوفنا على المرأة.. نحن في زمن الشهوات والمغريات والقنوات المفتوحة والمشفرات.. نحن في زمن اعتزل فيه الشيطان العمل وأسند مهمته إلى بني آدم, ثم إن اختلاطهم لا يشبه اختلاطنا, وحجابهم لا يشبه حجابنا..
و دعينا نقارن بين حجابك وحجاب النساء في العصر النبوي, أكيد سيكون الفرق شاسعاً.. النساء في العهد النبوي لم يكن يضعن المساحيق على وجوههن ولا يلبسن الرقع الملونة و المزخرفة و العبايات المزركشة والمنقشة..
اختلاطنا يجمع المرأة والرجل في كرسي واحد يلامس كتفه كتفها حتى تشعر بصدق مشاعره من حرارة جسده..
اختلاطنا يجمع النساء والرجال في مجالس لهو وسهو وغناء وتصفيق و رياضة.. اختلاطهن يا عزيزاتي الفاضلات؛ لم يكن فيه تزاحم ولا تقارب ولا تلامس ولا ممازحة..
لم تكن المرأة تختلط بالرجال دون محرم لتسهر معهم حتى ساعات متأخرة من الليل "من أجل الوطن ونهضته"..
ولم يكن هناك كاميرات تنقل صورهن إلى ملايين البشر حول العالم ولم يكن يستطيع أي شخص أن يلتقط لها صورة ويحتفظ بها الفاجر والفاسق.. يحاولون إقناعنا بان المرأة لن تفهم ولن تستطيع التعبير إذا جلست في كرسي, بعيداً عن الرجال في نفس القاعة.. ولن تستطيع التفكير والبرقع يغطي وجهها.. ولن تبدع في أي شيء إذا لزمت بيتها.. ولن تكون صادقة في ثورتها ضد الطغيان؛ ما لم تقبض بيد زميل النضال وتشد عليها في المسيرة و المظاهرة..
نعم أيتها المتحررات؛ إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان, فالرجال غير الرجال والنساء غير النساء والزمان غير الزمان والمكان غير المكان.. وقد كان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يجيب كل إنسان بما يناسبه, وقد سأله أحد الناس عن القُبلة للصائم, فأجاز له ورخص له.. وسأله آخر فلم يجز له.. فلما بحثوا وجدوا أن الذي رخص له كان شيخاً لا يُخشى منه, وأن الذي لم يُرخِّص له كان شاباً..
و قالت عائشة- رضي الله عنها وعن أبيها- عن خروج المرأة للصلاة في المسجد: «لو رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نسائها»..