ساحة الحرية بتعز وميدان التغيير في صنعاء وغيرهما من ساحات الصمود والنضال كن لا يمثلن إلا شوارع ومساحات لا نأبه لمسمياتها أو مساحاتهم، لكنك الآن وحين تأتي على ذكر هذه الساحات وكأنك تذكر وطناً بحجم الكون ممتد المسافة لا حدود للصمود والإباء، وكأن كرامة ما كانت مكنونة في قلب تلك الساحات لنجدها فجأة وترتبط بنا وبأحلامنا مساحات من الأمل وعبير الحرية، هذا مالا يفقه الحكام وسلالاتهم الدموية، أما أن نسلم بعبوديتنا لهم أو نموت ليحفظ لهم خلوداً مزعوماً لممالكهم المتهالكة.
ولا يبدو أن الأمر قد توقف عند بطش الحكام وصمود الشعوب بهذه التركيبة التي أوجدت البطولة والأبطال وأسقطت أصنام الحكام التي كان يسلم بخلودها، فليس غريباً حينما نشيد بصبر الثوار وثباتهم على الرغم مما قد أعترضهم ومازال يعترضهم من قمع وتحريض وعنف، حرب مفتوحة من قبل نظام خول لنفسه استخدام كل الوسائل والأساليب، وشرع لنفسه اغتيال أحلام شعب وزهق روح انتفاضته بدم بارد.
كم هو جميلاً حين نرى الأحرار وهم يخرجون من الساحات شم الأنوف كما تخرج الأُسد من غابها، ينشدون الكرامة والحرية التي ترعب النظام وبلاطجته المدججين بالأسلحة وعتاد الموت، فيضربون ويضربون لتشبع نفسيتهم الدموية.
وماذا بعد؟!.. يسقط منا شهداء وجرحى لتخلد أسمائهم في ذاكرة التاريخ فقد أضحوا شموعاً تضيء دروبنا نحو تحقيق حلمنا المنشود.
وعلى الرغم أن الثوار يشاهدون الموت بأعينهم كلما أصتدم الصراع بينهم وبين الباطل إلا أنهم لا يزيدون إلا إصراراً وصموداً، إيماناً منهم أن من تشبث بالحياة في ظل هذا النظام عاش ذليلاً ومن سار بركب الثوار زاهداً بروحه ودمه يعيش عزيزاً ويموت شهيداً، لقد زاد شغفنا بهذه الثورة وافتخارنا بها لم تعدو عن كونها في صدورنا فقط، بل اختلطت بدمائنا وأرواحنا.
ثورة الصمود والنضال أضحت جبلاً شامخاً ضد كل الدسائس والمؤامرات التي تتساقط كأوراق الخريف، تعجز عقول المتآمرين أن تجد سبيلاً لإخماد نارها الأبية.
لقد أصبحت ساحة الاعتصام مدرسة يقصدها الرجال والنساء وكبار السن والشباب والأطفال وعلى الرغم من اختلاف مشاربهم إلا إننا صرنا من طلاب الثورة وفعلها التنويري والتوعوي.
فهي التي انتشلتنا من قبضة الجهل وأعادتنا إلى انتمائنا لهذا الوطن الغالي قبل أن تنتشلنا من قبضة اللاوعي التي كنا نعيشها..
إن هذه الثورة المباركة أعادت فينا الحياة، فإما أن نموت لتعيش هي وبذلت نكون قد وهبنا الحياة لغيرنا وإما نعيش في ظلها وبذلك نكون من أسعد الناس حظوظاً.
إذاً ليست الاحتفالات والكرنفالات والمظاهرات إلا بعض من ملامحها الرائعة.. وماذا يصنع النظام ، هل أيخطط للقتل؟ نحن نخطط للحياة، أيخطط لاغتيال أحلامنا؟، فهي قد رسمت بدم شهدائنا، فكيف سيمحى من ذاكرة الزمان شهدائنا وأبطالنا، أيخطط لتفريقنا، الفرقة ودعناها ما إن خرجنا نطالب بإسقاط النظام لنتوحد تحت هذا المطلب وتوحدت جهودنا وأحلامنا وأعمالنا.
صمود ثوار اليمن وملامح هذه الثورة ستصبح أسطورة من النضال والصمود، يذكرها القاصي والداني وينحي العالم لها إجلالاً وحباً.
بشرى عبدالله
ثورة الصمود والنضال 2133