النزوح في حالة قسرية تفرض على النازح رغم أنفه، وما حصل للفلسطينيين إبان نكبة "48" هو عين النزوح والتهجير القسري، ونحن أبناء عاصمة محافظة أبين "زنجبار" أصبحنا نازحين في غفلة من الزمن، خرجت من مدينتي زنجبار صبيحة اليوم الخامس لدخول المسلحين إليها في أواخر مايو الماضي، اتجهت صوب مدينة عدن التي تبعد عن مدينتي بـ"50" كيلومتراً إلى الغرب، وكنت مع أسرتي نسير بذهول وصدمة ويسيطر علينا صمت القبور، لأن لغة الكلام باتت عاجزة عن التعبير عن حالنا وما آلت إليه أوضاعنا، ولأنني كنت تحت تأثير الصدمة مما حدث، فقد كنت تائهاً شارد الذهن وكأنني أسير على غير هدىِ، ولم أدرِ كم استغرقت من الوقت حتى وجدت نفسي في منطقة البساتين بمديرية دار سعد محافظة عدن، وهي المنطقة التي خصصت لاستقبال الصومال النازحين من بلدهم بسبب الحروب.
ومن غرائب الصدف أنني وجدت بعض الصوماليين الذين نزحوا من بلادهم إلى أبين فيما مضى، فاستقبلوني باهتمام كبير رداً للجميل كما قالوا، ومرد ذلك أننا أكرمناهم في أبين حين وصلوا إليها نازحين عبر البحر، حين كانوا يعانون شدة الجهد والإعياء والجوع.
شعرت حينها بالغصة الدامعة تكاد تخنقني وتلهب مرارتي ألماً، حين وجدت نفسي –دون سابق إنذار- نزاحاً.. ولكن في وطني.
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ حجم الألم لهكذا موقف وثقل أهرامات الحزن الجاثمة على صدر رجل كان صاحب فضلٍ على الناس بما قدره الله تعالى، ليصبح فجأة مفضولاً بلا مقدمات.
إييه يا وطني.. كم فيك من المظالم والآلام، وكم تحمل أبناؤك من صنوف القهر والظلم، ويبقى السؤال حائراً وسابحاً في فضاءات الحياة المليئة بالمتناقضات والإخفاقات والمآسي، وأهات المظلومين..
أما لهذا الظلم من نهاية؟!.
منصور بلعيدي
يوميات نازح.. يوم النزوح المؤلم 2448